تفسير الرؤى والأحلام
جدد إيمانك وقل ::
لا إله إلا الله
خالصًا من قلبك
وصلي على خاتم النبيين وإمام المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين
اللهم صلي على نبيك ورسولك محمد وسلم تسليمًا كثيرًا
تفسير الرؤى والأحلام
جدد إيمانك وقل ::
لا إله إلا الله
خالصًا من قلبك
وصلي على خاتم النبيين وإمام المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين
اللهم صلي على نبيك ورسولك محمد وسلم تسليمًا كثيرًا
تفسير الرؤى والأحلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير الرؤى والأحلام

فسر رؤياك طبقًا للمنهج الإسلامي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أسباب محبة الله تعالى للعبد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
????
زائر




أسباب محبة الله تعالى للعبد Empty
مُساهمةموضوع: أسباب محبة الله تعالى للعبد   أسباب محبة الله تعالى للعبد Emptyالإثنين مايو 20, 2013 11:11 am





من أسباب محبة الله تعالى عبدًا
اتباع النبي ومحبته وآل بيته [1]
خاصة: علي وفاطمة والحسن والحسين - رضي الله عنهم - جميعًا


أولاً: اتّباع النبي - صلى الله عليه وسلم:

قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]، قال ابن كثير: "هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كل من ادعى محبّة الله وليس هو على الطريقة المحمديّة؛ فإنه كاذبٌ في دعواه تلك حتى يتبع الشرع المحمدي في جميع أقواله وأفعاله"[1].



والإنسان لا يفرغ طول حياته من العمل، ولو كان مجرّد فكرة تخطر على قلبه وتشغله وتستغرقه، لكنّ عملَه هذا إما مقبولٌ وإما مردود، وللعمل المقبول اشترط العلماء شرطين؛ هما الإخلاص والاتباع، وإلا رُد على صاحبه.



فـ "الإخلاص ومتابعة السنة شرطان لقبول العمل؛ قال الله تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [الملك: 2]، قال الفضيل بن عياض: هو أخلصُه وأصوبُه. قالوا: يا أبا عليٍّ! ما أخلصُه وأصوبُه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة، ثم قرأ قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾ [الكهف: 110]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [النساء: 125]؛ فإسلام الوجه: إسلام القصد والعمل لله، والإحسان فيه متابعةُ رسولِه - صلى الله عليه وسلم- وسنتِه، وقال تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ﴾ [الفرقان: 23]، وهي الأعمال التي كانت على غير السنة أو أُرِيد بها غير وجه الله[2].



وقد سبق أن تحدَّثنا عن قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 32] في الباب السابق، وقلنا: إن عدم طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم- مانعٌ من محبته تعالى المعرضَ عن طاعته، كما أنه - والعياذ بالله - كفر.



أ- اتباع السنة، والفرق بينها وبين البدعة[3]: فالشرط الثاني لقبول العمل أن يكون هذا العمل مطابقًا لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ"[4]، وفي رواية لمسلم: "من عمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ"[5]، وهذا الحديث أصلٌ عظيم من أصول الإسلام، فكما أن حديث "الأعمال بالنيات"[6] ميزانٌ للأعمال في باطنها فهذا الحديث ميزان للأعمال في ظاهرها، فكما أن كلّ عمل لا يراد به وجهُ الله تعالى فليس لعامله فيه ثوابٌ فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسولِه فهو مردودٌ على عامله، فقوله "ليس عليه أمرُنا" إشارةٌ إلى أن أعمال العاملين كلَّها ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة فتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها بأمرها ونهيها؛ فمن كان عمله جاريًا تحت أحكام الشريعة موافقًا لها فهو مقبول، ومن كان خارجًا عن ذلك فهو مردود.



وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- عن السبيل التي ينبغي للعباد أن يسلكوها حتى لا يكونوا يوم القيامة من المغبونين؛ ﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾ [الكهف: 104]؛ فقال - صلى الله عليه وسلم- في حديث العرباض بن سارية: "فإنه من يعيش منكم فسيرى اختلافًا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عَضُّوا عليها بالنواجِذ، وإيّاكم ومحدثاتِ الأمور، فإن كلَّ بدعةٍ ضلالة"[7].



فهذا إخبار منه - صلى الله عليه وسلم - بما وقع في أمَّته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه، وفي الأعمال والأقوال والاعتقادات، وهذا موافقٌ لما رُوِيَ عنه من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة، وأنها كلها في النار إلا واحدة، وهي ما كان عليه وأصحابه[8]، ففي هذا الحديث أمرٌ عند الافتراق والاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، والسنة هي الطريق المسلوكة، فيَشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة؛ ولهذا كان السلف لا يطلقون اسم السنة إلا على ما يشمل ذلك كلَّه، وقوله: "عَضُّوا عليها بالنواجذِ"، كناية عن شدة التمسك بها، والنواجذ: الأضراس.



وقوله: "وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة"، تحذير للأمَّة من اتباع الأمور المحدَثة والمبتَدَعة، وأكَّد ذلك بقوله: "كل بدعة ضلالة"، فقوله: "كل بدعة ضلالة" من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيءٌ، وهو أصلٌ عظيم من أصول الدين شبيهٌ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ"[9].



فكل من أحدَث شيئًا ونسبه إلى دينٍ، ولم يكن له أصل في الدين يرجع إليه، فهو ضلالة والدين بريءٌ منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة، وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر - رضي الله عنه - لَما جمَع الناسَ في قيام رمضان على إمامٍ واحد في مسجدٍ، وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: "نعمتِ البدعةُ هذه"[10]، فهذا الفعل وإن لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت ولكنْ له أصلٌ في الشرع يُرجع إليه[11]، فمِنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحثُّ على قيام رمضان ويرغِّب فيه، وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعاتٍ متفرقة ووُحدانًا، وهو - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بأصحابه غيرَ ليلةٍ ثم امتنع من ذلك، معلِّلاً بأنه خَشِي أن يُكتب عليهم، فيَعجِزوا عن القيام به، ومنها أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر باتباع سُنة خلفائه الراشدين، وهذا قد صار من سنة خلفائه الراشدين.



وقد روى الحافظ أبو نُعيم بإسناده عن إبراهيم بن الجنيد، قال: سمعت الشافعي يقول: البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، فما وافق السنة، فهو محمود، وما خالف السنة، فهو مذموم[12]، واحتجَّ بقول عمر - رضي الله عنه -: نعمت البدعة هذه.



وقال ابن رجبٍ - رحمه الله تعالى -: ومراد الشافعي - رضي الله عنه - أن أصل البدعة المذمومة ما ليس له أصلٌ في الشرع ترجِع إليه، وهي البدعة في إطلاق الشرع، وأما البدعة المحمودة فما وافق السنة، يعني ما كان له أصلٌ من السنة يرجع إليه، وإنما هي بدعةٌ لغةً لا شرعًا لموافقتها السنة.



وفي هذه الأزمان التي بَعُد العهد فيها بعلوم السلف، يتعيَّن ضبط ما نُقِل عنهم من ذلك كله؛ ليتميز به ما كان من العلم موجودًا في زمانهم، وما أُحدِث في ذلك بعدهم، فيعلم بذلك السنة من البدعة، وقد صح عن ابن مسعود أنه قال: "إنكم قد أصبحتم اليوم على الفطرة، وإنكم ستحدثون ويُحدَث لكم، فإذا رأيتم محدثةً، فعليكم بالعهد الأول"[13]، وابن مسعود قال هذا في زمن الخلفاء الراشدين.



وروى ابن حميد عن مالك قال: لم يكن شيءٌ من هذه الأهواء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان، وكان مالك يشير بالأهواء إلى ما حدث من التفرُّق في أصول الديانات من أمور الخوارج والروافض، والمرجئة ونحوهم، ممن تكلم في تكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم، أو في تخليدهم في النار، أو في تفسيق خواص هذه الأمَّة، أو عكس ذلك من الزعم بأن المعاصي لا تضرُّ أهلَها، وأنه لا يدخل النار من أهل التوحيد أحد.



وقد أمر الله - عز وجل - باتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ﴾ [الأحزاب: 36]، بل جعل الله - عز وجل - اتباع سنة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - علامةً على محبَّتِه - عز وجل - فقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ ﴾ [آل عمران: 31] الآية.



قال الحسن البصري: ادَّعى ناسٌ محبّة الله - عز وجل - فابتلاهم بهذه الآية: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي ﴾ الآية.



قال الزهري: الاعتصام بالسنة نجاة؛ لأن السنة - كما قال مالك -: مثل سفينة نوح، مَن ركِبها نجا، ومن تخلَّف عنها هلَك، وعن سفيان قال: لا يُقبل قولٌ إلا بعملٍ، ولا يستقيم قول وعمل إلا بنيَّة، ولا يستقيم قول وعمل ونيَّة إلا بموافقة السنة، وعن ابن شوذب قال: إن من نعمة الله على الشاب إذا نَسُك، أن يؤاخي صاحب سنة يحمله عليها، وعن المعتَمر بن سليمان قال: دخلت على أبي وأنا منكسرٌ، فقال لي: ما لَك؟ قلت: مات صديقٌ لي، فقال: مات على السنة؟ قلت: نعم، قال: تحزن عليه، وعن سفيان الثوري قال: استوصوا بأهل السنة خيرًا، فإنهم غُرَباء.



ب- الأخبار في ذمِّ البدع والمبتدعين: قال الله تعالى: ﴿ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 105-106] قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: تبيضُّ وجوهُ أهل السنة والائتلاف، وتسوَدُّ وجوه أهل البدعة والاختلاف.



وعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من رغِبَ عن سنتي، فليس مني"[14]، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا فرطكم على الحوض، وليختلجِنَّ رجالٌ دوني فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدَثوا بعدك"[15]، وفي حديث العرباض بن سارية قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإيَّاكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة"[16]، وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "اتبعوا ولا تَبتدعوا، فقد كُفيتم"[17]، وعن أيوب السختياني قال: ما ازداد صاحب بدعة اجتهادًا إلا ازداد من الله - عز وجل - بعدًا، وعن سعيد الكويري قال: مرِض سليمانُ التَّيْمي، فبكى في مرضه بكاءً شديدًا، فقيل له: ما يُبكيك؟ أتجزع من الموت؟ قال: لا، ولكن مررت على قَدَرِيٍّ، فسلَّمت عليه، فأخاف أن يحاسبَني ربِّي عليه، وعن الفضيل قال: إذا رأيتَ مبتدعًا في طريق، فخُذ في طريقٍ آخر، ولا يرفع لصاحب بدعة إلى الله - عز وجل - عملٌ، ومن أعان صاحبَ بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام[18].



• فإن قال قائل: قد مدحت السنة وذممت البدعة، فما السنة وما البدعة، فإنا نرى كل مبتدع يزعم أنه من أهل السنة؟



فالجواب: أن السنة - في اللغة -: الطريق، ولا ريب في أن أهل النقل والأثر المتتبِّعين آثارَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآثار أصحابه - رضي الله عنهم - هم أهل السنة؛ لأنهم على تلك الطريق التي لم يحدث فيها حادث، وإنما وقعت الحوادث والبدع بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم.



والبدعة: عبارة عن فعلٍ لم يكن - يعني على عهد الصحابة - رضي الله عنهم - فابتُدِع، والأغلب في المبتَدَعات أنها تصادم الشريعة بالمخالفة، وتوجب التعاطي عليها بزيادة أو نُقصان، فإن ابتُدِع شيءٌ لا يخالف الشريعة ولا يوجب التعاطي عليها، فقد كان جمهور السلف يكرهونه وكانوا ينفرون من كل مبتدع، وإن كان جائزًا، حفظًا للأصل وهو الاتباع، وقد قال زيد بن ثابت لأبي بكر وعمر - رضي الله عنهم - حين قالا: اجمَع القرآن: كيف تفعلان شيئًا لم يفعلْه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم [19].



وعن أبي البختري قال: أخبر رجلٌ عبدالله بن مسعود أن قومًا يجلسون في المسجد بعد المغرب فيهم رجلٌ يقول: كبِّروا الله كذا وكذا، وسبِّحوا الله كذا وكذا، واحمدوا الله كذا وكذا، قال عبدالله: فإذا رأيتَهم فعلوا ذلك، فأْتِني فأخبرني بمجالسهم، فأتاهم فجلس فلما سمِع ما يقولون قام، فأتى ابن مسعود فجاء وكان رجلاً حديدًا، فقال: أنا عبدالله بن مسعود، والله الذي لا إله غيره، لقد جئتم ببدعةٍ ظلمًا، ولقد فضلتم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - علمًا، فقال عمر بن عتبة: أستغفر الله، فقال: عليكم بالطريق، فالزمُوه ولئن أخذتم يمينًا وشمالاً، لتضلُنَّ ضلالاً بعيدًا[20].



وفي الصحيحين عن ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرُّهم من خذَلهم، حتى يأتيَ أمرُ الله وهم كذلك"[21]، وقال شامة عن مبارك عن الحسن البصري: السنة والذي لا إله إلا هو بين الغالي والجافي، فاصبروا عليها - رحمكم الله - فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقِيَ، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتْراف في إترافهم، ولا مع أهل البِدَع في بدعهم، وصبَروا على سُنتهم حتى لقَوْا ربهم، فكذلك إن شاء اللهُ فكونوا.



فهؤلاء هم أهلُ السنة والجماعة والطائفةُ المنصورة إلى أن تقومَ الساعة، فنسألُ الله - عز وجل - أن يجعلَنا منهم، وأن يحشرنا في زمرتهم بمنِّه وكرمه[22].



وقد توسطت هذه الآية من سورة آل عمران وَسْطَ آياتٍ تَنهى عن مُوَالاة المؤمنين الكافرين، وتأمر بطاعة الله ورسوله، التي فيها بطبيعة الحال تنفيذُ النهي عن تلك الموالاة؛ ولذا قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره: هذه الآية هي الميزانُ التي يعرف بها من أحبَّ الله حقيقة، ومن ادَّعى ذلك دعوى مجرَّدة، فعلامةُ محبّة الله اتباعُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - الذي جعل متابعتَه وجميع ما يدعو إليه طريقًا إلى محبته ورضوانه، فلا تنال محبة الله ورضوانُه وثوابُه إلا بتصديق ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة، وامتثالِ أمرهما واجتناب نهيهما، فمن فعل ذلك أحبَّه الله وجازاه جزاء المحبين، وغفر له ذنوبه، وستر عليه عيوبه؛ فكأنه قيل: ومع ذلك فما حقيقة اتباع الرسول وصفتها؟ فأجاب بقوله: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 32][23].



وقد تناولنا الآية الأخيرة[24] في باب الموانع الفائت، وخلصْنا إلى أن متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليست بالخيار، وإنما هي فرضٌ على التعيين؛ لأن كل الطرق إلى الله مسدودة إلا من طريقه - صلى الله عليه وسلم - لكن هل هذا فيمن يتنكَّب طريقًا غير طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جملة؟ أم من يقتفي أثره أحيانًا وغير أثره أحيانًا؟



فالجواب أنه انقسم الناس إلى قسمين: مسلمين، وهم أتباع النبي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وكفار وهم من لم يرضوا بالمسير خلفه، ثم انقسم المسلمون إلى أهل سنة وأهل بدعة؛ فأهل السنة يحرصون على اتباع آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل البدعة يتبعونه أحيانًا ويبتدعون لهم طرقًا أحيانا أخرى، وكلٌّ يُحصِّل من محبّة الله تعالى بقدر ما يتبع شريطة الإخلاص، ومنهم من لا يحصل إلا بغضه ومَقته - أعاذنا الله منه، وذلك بمنطوق هذه الآية والآيات قبلها وبعدها، والله أعلى وأعلم.



يتبع،،

[1] انظر: "مختصر تفسير ابن كثير" [ج1 ص227].

[2] انظر: لفضيلة الشيخ الدكتور أحمد فريد: "البحر الرائق في الزهد والرقائق" ط. دار الإيمان - الإسكندرية [ص13].

[3] انظر: "البحر الرائق في الزهد والرقائق" [ص21 -24 ]، بتصرف، وقد رأيت أن أنقله بتمامه لما فيه من فائدة.

[4] [صحيح] تقدم تخريجه مرارًا، والرد بمعنى المردود؛ أي: فهو باطل غير معتد به، [من "البحر الرائق" هامش1 ص21].

[5] [صحيح] تقدم تخريجه مرارًا.

[6] [صحيح] تقدم تخريجه.

[7] [صحيح] أخرجه أبو داود في السنة [ح4607 ]، والترمذي في العلم [ح2676]، والنسائي في صلاة العيدين [ح1578]، وابن ماجه في المقدمة [ح42] من حديث العرباض بن سارية، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

[8] [صحيح] أخرجه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" [1/100]، قال: "حديث ثابت: إن بني إسرائيل افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة ويزيدون عليها ملة، قال في حديث ثابت: وأمتي على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة، فقالوا: يا رسول الله، وما هي، وفي حديث ثابت: فقيل له: من الواحدة؟ قال: الذي أنا عليه وأصحابي، وفي حديث ثابت، فقال: ما أنا عليه وأصحابي"، ثم أسند هذه الأحاديث.

[9] [صحيح] سبق تخريجه.

[10] أخرجه البخاري في صلاة التراويح [ح2010]، ومالك في الموطأ [ح252] عن عبدالرحمن بن عبدالقاري أنه قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل، فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد، لكان أمثلَ، فجمعهم على أُبي بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون، يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله".

[11] راجع : تحقيق العلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى - حول هذه القضية في رسالته "صلاة التراويح".

[12] أخرجه أبو نعيم في "الحِلية" [9/113].

[13] أخرجه المروزي في "السُّنة" [ح80].

[14] [متفقٌ عليه] أخرجه البخاري في النكاح [ح5063]، ومسلم في النكاح [ح1401] من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه.

[15] [متفقٌ عليه] أخرجه البخاري في الرقاق [ح6576]، ومسلم [2297] من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه.

[16] [صحيح] سبق تخريجه.

[17] [صحيح موقوف] أخرجه الدارمي [1/80]، والمروزي في "السنة" [1/28]، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى" [1/186] من طريق الأعمش عن حبيب بن ثابت عن أبي عبدالرحمن السُّلمي عن عبدالله بن مسعود موقوفًا عليه، وقال الهيثمي في المَجمع [1/181]: "رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح".

[18] انظر: "البحر الرائق" [ص24-25].

[19] أخرجه البخاري في تفسير القرآن [ح4679]، والترمذي في التفسير [ح3103] من طريق عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه.

[20] [صحيح موقوف] أخرجه الدرامي [1/68]، والطبراني في "الكبير" [9/125-126]، وعبدالرزاق في مصنفه [3/221-222]، وابن أبي عاصم في "الزهد" [ص358]، وأبو نعيم في "الحلية" [4/381] من طريق: عطاء بن السائب عن أبي البختري، قال: أخبر رجل عبدالله بن مسعود أن قومًا يجلسون في المسجد بعد المغرب فيهم رجل يقول، فذكره.

[21] [متفقٌ عليه] أخرجه البخاري في الاعتصام بالكتاب [ح7311]، ومسلم في الإمارة [ح1920 و1037] من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه.

[22] انظر: "البحر الرائق" [ص25-27].

[23] انظر: "تيسير الكريم الرحمن" ص117.

[24] هي الآية [32] من سورة آل عمران.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/50967/#ixzz2TusuWVd5


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




أسباب محبة الله تعالى للعبد Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسباب محبة الله تعالى للعبد   أسباب محبة الله تعالى للعبد Emptyالإثنين مايو 20, 2013 11:14 am


من أسباب محبة الله تعالى عبدًا
اتباع النبي ومحبته وآل بيته [2]


خاصة: عليّ وفاطمة والحسن والحسين - رضي الله عنهم - جميعًا.



ثانيًا: محبّة النبي - صلى الله عليه وسلم -:

وتعد محبّة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فريضةً على كلّ إنسان، وهذه المحبّة لازمةٌ للإيمان؛ ومن الآيات والأحاديث في ذلك قول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذى نفسي بيده لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده"[1]، وقال: "ثلاثٌ من كنّ فيه وجد بهن طعم الإيمان" وذكر منهن "من كان اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما"[2]، وعن أنس - رضى الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده، وولده، والناس أجمعين"[3]، وفي رواية للنسائي: "حتى أكون أحبَّ إليه من ماله وأهله والناس أجمعين"[4]، وعن أبي هريرة - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده"[5]، وفي الصحيح قال عمر: يا رسول الله! لأنت أحبُّ إليَّ من كلِّ شيءٍ إلا نفسي، فقال: "لا والذي نفسي بيدِه حتى أكونَ أحبّ إليكَ من نفسِك التي بين جنبيك"، فقال عمر: فأنت الآن والله أحبُّ إليّ من نفسي، فقال: "الآنَ يا عمر"[6].



من هنا نُدرِك أن الإنسان إذا آنس من نفسه ضعف محبّة، أو آنس غلبة محبّة شيءٍ آخر على حبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فعليه أن يداوي نفسه، وهذا واجبٌ على كل مسلم. وإذًا فمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فريضةٌ، وأن هذه المحبة ليست محبّة عقلية فحسب؛ بل هي محبة عاطفيّة، فالإنسان يحب ابنه وأهلَه ووالده ونفسه ليس مجرد حبٍّ عقليٍّ بل هناك شيءٌ وراء ذلك، والمسلم مطالبٌ بأن يحبّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من ماله وولده وأهله وعشيرته ومسكنه وتجارته ونفسه، وتلك فريضةٌ من فرائض الله على الإنسان[7].



ويعد حبُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلاً من أصول الإسلام ومبدأً من مبادئه.. لا يستقيم إيمان إنسان بدونه.. ولا يسع مسلم أن يتجاوزه.. ولا يصح لمسلم أن يكون متردِّدًا فيه؛ فهو مرتبطٌ بمحبّة الله - عز جل -؛ إذ إنه مبعوثُه ورسوله ومصطفاه ومجتباه؛ ففي الصحيحين عن أنسٍ قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: "وماذا أعددتَ لها؟". قال: لا شيء، إلا أنِّي أحبُّ اللهَ ورسولَه، فقال: "أنت مع من أحببْت". قال أنس: فما فرِحنا بشيءٍ فرَحَنا بقول النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنت مع من أحببت"، قال أنس: "فأنا أُحِبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم"[8].



وقد اقترن حبّه - صلى الله عليه وسلم - بحبّ الله تعالى في كثيرٍ من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة؛ فمن الآيات قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ ﴾ [آل عمران: 31]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 24] الآية، ومن الأحاديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثٌ من كنّ فيه وجد بهن طعم الإيمان: من كان الله ورسولُه أحبّ إليه مما سواهما..." الحديث[9].



ثالثًا: محبة أهل البيت - رضي الله عنهم - وأرضاهم:

أ- المقصودون بأهل البيت - رضي الله عنهم -: قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ [الأحزاب: 33]...



قال الطبري:

اختلف أهل التأويل في الذين عُنُوا بقوله [أَهْلَ الْبَيْتِ] فقال بعضُهم: عُنِي به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين -رضوان الله عليهم- قالت عائشة: خرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله معه ثم قال ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾[10]. وعن أبِي عمّار قال: سمعت واثلة بن الأسقع يحدِّث قال: سألتُ عن عليّ بن أبي طالب في منـزله فقالت فاطمة: قد ذهب يأتي برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ جاء فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخلت، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الفراش وأجلس فاطمةَ عن يمينه وعليًّا على يساره وحسنا وحسينا بين يديه، فلفع عليهم بثوبه وقال: "﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾، اللهم هؤلاء أهلي.. اللهم أهلي أحقّ"، قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: وأنا يا رسول الله من أهلِك؟ قال: "وأنت من أهلي"، قال واثلة: "إنها لمن أرجى ما أرتجي"[11]... قال: وقال آخرون منهم عكرمة: بل عُني بذلك أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [12].



وقال المباركفوري: "باب مناقب أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الشيخ عبدُ الحقّ في اللمعات: اعلم أنّه قد جاء أهل البيت بمعنى من حرم الصدقة عليهم، وهم بنو هاشم؛ فيشمل آلَ العباس وآلَ عليٍّ وآلَ جعفرٍ وآلَ عقيل وآلَ الحارث؛ فإنّ كلّ هؤلاء يحرُم عليهم الصدقة، وقد جاء بمعنى أهلِه - صلى الله عليه وسلم - شاملاً لأزواجه المطهَّرات، وإخراج نسائه - صلى الله عليه وسلم - من أهل البيت في قوله ﴿ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ [الأحزاب: 33]، مع أن الخطابَ معهنّ سباقًا وسياقًا، فإخراجهن مما وقع في البيت يُخرِج الكلامَ عن الاتساق والانتظام، قال الإمام الرازي: إنّها شاملةٌ لنسائه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن سياق الآية ينادي على ذلك، فإخراجُهن عن ذلك وتخصيصُه بغيرهن غير صحيح، والوجه في تذكير الخطاب. "إني تركت فيكم من إن أخذتم به" أي اقتديتم به واتبعتموه، وفي بعض النسخ "تركت فيكم ما إن أخذتم به"[13] أي إن تمسكتم به علمًا وعملاً، "كتاب الله وعِتْرتي أهل بيتي" قال التوربشتي: عترة الرجل أهلُ بيته ورهطُه الأدْنَون، ولاستعمالهم العِترة على أنحاء كثيرة بيَّنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله "أهل بيتي" ليعلم أنّه أراد بذلك نسلَه وعصابته الأدنين وأزواجه، انتهى. قال القارئ: والمراد بالأخذ بهم التمسّك بمحبتهم ومحافظة حرمتهم والعمل بروايتهم والاعتماد على مقالتهم، وهو لا ينافي أخذ السنة من غيرهم؛ لقوله تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وقال ابن الملك: التمسّك بالكتاب العمل بما فيه وهو الائتمار بأوامر الله والانتهاء عن نواهيه، ومعنى التمسك بالعترة محبتُهم والاهتداء بهديهم وسيرتهم"[14].



ب- محبة عليّ - رضى الله عنه -: عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: أشهدُ أنّي سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أحبّ عليًّا فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ الله، ومن أبغض عليًّا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله"[15]. وقال رجلٌ لسلمانَ - رضى الله عنه -: ما أشدّ حبِّك لعليّ! قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أحب عليًّا فقد أحبني، ومن أبغض عليًّا فقد أبغضني"[16]، وقال علي - رضى الله عنه -: "والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنه لعهد النبيّ الأمّي - صلى الله عليه وسلم - إليَّ أن لا يحبني إلا مؤمنٌ ولا يبغضني إلا منافق" [17].



قال العلامة المناوي:

"من أحبّ عليًّا فقد أحبني ومن أبغض عليّا فقد أبغضني" لِمَا أُوتِيه من كرم الشيم وعلوّ الهمم، قال السهروردي: اقتضى هذا الخبر وما أشبهه من الأخبار الكثيرة في الحثّ على حبّ أهل البيت والتحذير من بغضهم تحريمَ بغضِهم ووجوبَ حبّهم، وفي توثيق عرى الإيمان عن الحرالي أن خواصّ العلماء يجدون لأجل اختصاصهم بهذا الإيمان حلاوةً ومحبةً خاصّة لنبيّهم، وتقديمًا له في قلوبهم حتى يجد إيثاره على أنفسهم وأهليهم[18]. وقال جابر - رضى الله عنه -: ما كنّا نعرف المنافقين إلا ببغض عليّ[19] [20].



وقال النووي:

ومعنى هذه الأحاديث[21] أنّ من عرَف مرتبة الأنصار… وعرف من علي بن أبي طالب - رضى الله عنه - قربَه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - له، وما كان منه في نصرة الإسلام وسوابقه فيه، ثم أحبّ الأنصار وعليّا لهذا، كان ذلك من دلائل صحة إيمانه وصدقه في إسلامه؛ لسروره بظهور الإسلام، والقيام بما يُرضِي الله - عز جل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أبغضَهم كان بضد ذلك، واستدلّ به على نفاقه وفساد سريرته والله أعلم، وأما قوله "فلق الحبة" فمعناه شقّها بالنبات، وقوله "وبرأ النسمة" هو بالهمزة أي خلق[22].



قلت: اعتبرنا محبّة عليٍّ - رضى الله عنه - من موجباتِ محبّة الله - عز وجل - لِمُحبِّه كون محبته - رضى الله عنه - سببًا لمحبّة العبد ربه تعالى كما صرّحت الأحاديث به؛ فلمّا كان حبُّ عليٍّ حبًّا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن ثم لله - عز وجل -، ولما كان حبُّ الله ورسوله من جوالب حبِّه تعالى للعبد، كان حبُّ علي - رضى الله عنه - سببًا لمحبَّته سبحانه مَن فَعلَه، وإن كانت أحاديثُ كثيرةٌ قد ذكرت ذلك صراحة ولم ننقلها لتضعيف العلماء إيّاها. ففي حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن حبّ علي - رضى الله عنه - سببٌ لمحبة العبد ربه؛ ولذا سنتناوله في القسم الثاني إن شاء الله.



جـ- محبة فاطمة - رضي الله عنها -: قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن فاطمة منِّي وأنا أتخوّف أن تفتن في دينها"[23]، وقال: "فاطمة بِضعةٌ منّي فمن أغضبها أغضبني"[24].



ومناسبة حديث "فاطمة بضعة مني" أن عليًّا - رضى الله عنه - خطب بنت أبي جهل إلى عمّها الحارث بن هشام، فاستشار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أعن حسبِها تسألُنِي"؟ فقال: لا ولكن أتأمرُنِي بها؟ قال: "لا، فاطمة مضغة مني، ولا أحسب إلا أنّها تحزن أو تجزع"، فقال علي: لا آتي شيئا تكرهه[25]. فترك عليٌّ الخِطبة وتزوجها عتابُ بن أسيد بن أبي العيص لما تركها علي، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا أن يريدَ ابنُ أبي طالبٍ أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم"[26] هذا محمولٌ على أن بعض من يبغض عليًّا وَشَى به أنه مصمم على ذلك، وإلا فلا يُظنّ به أنه يستمر على الخطبة بعد أن استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - فمنعه، وفي "وإني لست أحرّم حلالاً ولا أحلِّل حرامًا، ولكنْ واللهِ لا تُجمع بنتُ رسول الله وبنت عدو الله عند رجل أبدًا"[27]، قال ابن التين: أصح ما تحمل عليه هذه القصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرّم على عليٍّ أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل لأنه علل بأن ذلك يؤذيه وأذيته حرامٌ بالاتفاق، ومعنى قوله: "لا أحرم حلالا" أي هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة، وأما الجمع بينهما الذي يستلزم تأذِّي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لتأذي فاطمة به فلا، وزعم غيرُه أن السياق يشعر بأن ذلك مباحٌ لعليٍّ لكنه منعه النبي - صلى الله عليه وسلم - رعاية لخاطر فاطمة، وقَبِلَ هو ذلك امتثالاً لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، والذي يظهر لي[28] أنه لا يبعد أن يعد في خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يُتزوج على بناته، ويحتمل أن يكون ذلك خاصًّا بفاطمة - عليها السلام -.



قوله "فإنما هي بَضْعةٌ منّي" -بفتح الموحَّدة وسكون الضاد المعجمة- أي قطعة، وفي رواية "مضغة"، والسبب فيه... أنها كانت أصيبت بأمها ثم بأخواتها واحدةً بعد واحدة فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفّف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة. قوله "يريبني ما أرابها -وفي رواية رابَها- وأنا أتخوّف أن تفتن في دينها"؛ يعني أنها لا تصبر على الغيرة فيقع منها في حقّ زوجها في حال الغضب ما لا يليق بحالها في الدين، "ويؤذيني ما آذاها" "وينصبني ما أنصبها"، وهو التعب: "يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها".



ويؤخذ من هذا الحديث أن فاطمة لو رضيت بذلك لم يُمنع علي من التزويج بها أو بغيرها، وفي الحديث تحريم أذى من يتأذى النبي - صلى الله عليه وسلم - بتأذيه؛ لأن أذى النبي - صلى الله عليه وسلم - حرام اتفاقا قليلُه وكثيره، وقد جزم بأنه يؤذيه ما يؤذي فاطمة فكل من وقع منه في حق فاطمة شيء فتأذت به فهو يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهادة هذا الخبر الصحيح، ولا شيء أعظم في إدخال الأذى عليها من قتل ولدها[29]، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا ولعذاب الآخرة أشدّ، وفيه حجةٌ لمن يقول بسد الذريعة؛ لأن تزويج ما زاد على الواحدة حلالٌ للرجال ما لم يجاوز الأربع، ومع ذلك فقد منع من ذلك في الحال لما يترتب عليه من الضرر في المآل[30].



ومحبّة فاطمة - رضي الله عنها - تعني تولِّيها والإحسان إليها ومعرفة حقّها ومكانتها من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ومن ثم قال أبو بكر لعلي - رضي الله عنهما - لما وجدت فاطمة عليه لمنعه إيّاها من ميراث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لقرابةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أحبّ إليَّ أن أَصِلَ من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آلُ فيها عن الخير، ولم أترك أمرًا رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يصنعه فيها إلا صنعته"[31].



ولم تصرّح الأحاديث بأن محبّة فاطمة - رضي الله عنها - من أسباب محبته تعالى للعبد؛ لكن يقال في ذلك ما قيل في محبّة زوجها - رضي الله عنهما - فمحبتهما محبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحبته - صلى الله عليه وسلم - محبةٌ لله تعالى، ومحبة الله تعالى ورسولِه من أسباب محبة الله تعالى كما بينا وكما هو معروف.



• فإن قال قائل: وإذًا محبّة عائشة وأبيها وعمر - رضي الله عنهم -، الذين صرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهم أشد من يحبهم، أسبابٌ كذلك لمحبته تعالى، قلنا: نعم، إن محبّة سائر الصحابة، بل وسائر الصالحين وتولِّيهم، من أسباب محبته سبحانه العباد، كيف لا وهم أولياؤه وخاصته.. اختصهم بفضله وأفاض عليهم من محبته؟!



• وإن قائل قائل: إن أبا بكر وعمر أحبّ إلى رسول الله من عليّ كما في حديث عمرو بن العاص - رضى الله عنه - لما سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أحبّ الناس إليه فقال: عائشة، فلما سأله من الرجال، قال: أبوها، فقال عمرو: ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب [32].. قلنا: إن قَدَرَ أن يحبّ أبا بكر فعمر فعثمان فعليًّا فذلك أفضل، وإلا فالحبّ حبّان: قلبي وعقلي -كما صرّح بذلك بعض شراح حديث عمر "والله لأنت أحب الناس إليّ يا رسول الله إلا نفسي" الوارد قبل قليل- قالوا: لم يغير عمر قلبه في الحال؛ لكنه غيّر عقله لما علم أن محبّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنفع له عند الله من محبة نفسه، فكذلك نقول: إن محبّة أبي بكر وعمر أنفع لنا من محبّة علي لأنهما أفضل منه - رضي الله عنهم - جميعًا وخير له أن يُحشَر مع الأفضل؛ لكنْ إن لم يستطع ذلك بقلبه فعلى الأقل يجب أن يكون حبًّا عقليّا، ثم يجتهد في المعرفة بهم؛ لأن غالب من أحبّوا المفضولين قصّروا في المعرفة بالفاضلين، ولو عرفوهم لعرفوا فضلهم ولأحبوهم إن استلّت من القلوب السخائم.



د- محبّة الحسن والحسين - رضي الله عنهما -: قال - صلى الله عليه وسلم - فيهما مجموعين - رضي الله عنهما -: "هذان ابناي، الحسن والحسين، اللهمّ إني أُحبّهما، اللهمّ فأحبّهما وأحبّ من يُحبّهما"[33]، وقال: "ذروهما بأبي وأمي، من أحبني فليحبّ هذين"[34]، وقال -وقد اعتنق الحسن - رضى الله عنه --: "اللهمَّ إنّي أحبه فأحبّه، وأحبّ من يحبّه"[35]، وقال -في الحسين - رضى الله عنه - وحده-: "حسينٌ منِّي وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسينًا، حسين سبط من الأسباط"[36].



قال المباركفوري، وهو يشرح جامع الترمذي:

"باب مناقب الحسن والحسين - رضي الله عنهما - كأنه جمعهما لما وقع لهما من الاشتراك في كثيرٍ من المناقب، وكان مولد الحسن في رمضان سنة ثلاثٍ من الهجرة عند الأكثر وقيل بعد ذلك، ومات بالمدينة مسموما سنة خمسين ويقال قبلها ويقال بعدها، وكان مولد الحسين في شعبان سنة أربع في قول الأكثر[37]، وقُتِل يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق، وكان أهل الكوفة لما مات معاوية واستخلف يزيدَ كاتبوا الحسين بأنهم في طاعته فخرج الحسين إليهم فسبقه عبيد الله بن زياد إلى الكوفة فخذَّل غالبَ الناس عنه فتأخّروا رغبة ورهبة، وقتل ابن عمه مُسْلِمَ بن عقيل وكان الحسين قد قدَّمه قبله ليبايع له الناس، فجهز إليه عسكرا فقاتلوه إلى أن قُتل هو وجماعة من أهل بيته، والقصة مشهورة".



قال: قوله: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".. جمعُ شابّ، وهو من بلغ إلى ثلاثين.. يعني هما أفضل من مات شابّا في سبيل الله من أصحاب الجنة، ولم يُرد به سن الشباب؛ لأنهما ماتا وقد كهلا، بل ما يفعله الشباب من المروءة، كما يقال فلان فتى إن كان شيخًا يشير إلى مروءته وفتوته، أو أنهما سيدا أهل الجنة سوى الأنبياء والخلفاء الراشدين، وذلك لأن أهل الجنة كلهم في سن واحد وهو الشباب، وليس فيهم شيخ ولا كهل، قال الطيبي: ويمكن أن يراد هما الآن سيدا شباب من هم من أهل الجنة من شبان هذا الزمان".



قال: "هذان ابناي -أي حكمًا وابنا ابنتي أي حقيقةً- اللهم إني أحبهما".. إلخ، لعل المقصود من إظهار هذا الدعاء حمل أسامة وغيره على زيادة محبتهما".



قال: "فيشمهما" أي فيحضران فيشمهما ويضمهما إليه أي بالاعتناق والاحتضان.



قال: "إن ابني هذا سيد" فيه أن السيادة لا تختص بالأفضل؛ بل هو الرئيس على القوم والجمع سادة، وهو مشتق من السؤدَد وقيل من السواد لكونه يرأس على السواد العظيم من الناس أي الأشخاص الكثيرة، "يصلح الله على يديه" وفي رواية البخاري وغيره "لعل الله أن يصلح به بين فئتين".. زاد البخاري في رواية "عظيمتين" قال العيني: وصفهما بالعظيمتين؛ لأن المسلمين كانوا يومئذ فرقتين فرقة مع الحسن - رضى الله عنه - وفرقة مع معاوية، وهذه معجزة عظيمة من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث أخبر بهذا فوقع مثل ما أخبر، وأصل القضية أن علي بن أبي طالب لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من رمضان من سنة أربعين من الهجرة مكث يوم الجمعة وليلة السبت وتوفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة أربعين من الهجرة، وبويع لابنه الحسن بالخلافة في شهر رمضان من هذه السنة، وأقام الحسن أيّامًا مفكرا في أمره ثم رأى اختلاف الناس فرقة من جهته وفرقة من جهة معاوية ولا يستقيم الأمر، ورأى النظر في إصلاح المسلمين وحقن دمائهم أولى من النظر في حقّه، سلّم الخلافة لمعاوية في الخامس من ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين وقيل من ربيع الآخر وقيل في غرة جمادى الأولى، وكانت خلافتُه ستةَ أشهر إلا أياما وسمي هذا العام عامَ الجماعة، وهذا الذي أخبره النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين" انتهى.



قال: يريد - صلى الله عليه وسلم - بقوله "ابني هذا" الحسن بن علي بن أبي طالب.



قال: قوله "حسين مني وأنا من حسين" قال القاضي: كأنه - صلى الله عليه وسلم - [رأى] بنور الوحي ما سيحدث بينه وبين القوم فخصّه بالذكر وبين أنهما كالشيء الواحد في وجوب المحبة وحرمة التعرض والمحاربة، وأكد ذلك بقوله "أحبّ الله من أحبّ حسينًا" فإن محبته محبة الرسول ومحبّة الرسول محبة الله.. "حسين سِبط -بالكسر- من الأسباط" قال في "النهاية": أي أمة من الأمم في الخير، والأسباط في أولاد إسحاق بن إبراهيم الخليل بمنـزلة القبائل في ولد إسماعيل، وأحدهم سبط فهو واقع على الأمّة والأمة واقعة عليه، انتهى. وقال القاضي: السبط ولد الولد أي هو من أولاد أولادي، أكد به البعضية وقررها، ويقال للقبيلة قال تعالى: ﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً ﴾ [الأعراف: 160]؛ أي قبائل، ويحتمل أن يكون المراد هاهنا على معنى أنه يتشعب منه قبيلة ويكون من نسله خلق كثير فيكون إشارة إلى أن نسله يكون أكثر وأبقى، وكان الأمر كذلك.



قال: قوله "لم يكن أحد منهم -أي من أهل البيت- أشبهَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحسن بن علي" هذا يعارض رواية ابن سيرين عند البخاري عن أنس قال "أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين" الحديث، وفيه فقال أنس "كان -أي الحسين- أشبههم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -" قال الحافظ: ويمكن الجمع بأن يكون أنسٌ قال ما وقع في رواية الزهري يعني رواية الباب في حياة الحسن؛ لأنه يومئذٍ كان أشد شبها بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من أخيه الحسين، وأما ما وقع في رواية ابن سيرين فكان بعد ذلك كما هو ظاهر من سياقه، أو المراد بمن فضل الحسين عليه في الشبه من عدا الحسن، ويحتمل أن يكون كلٌّ منهما كان أشد شبها به في بعض أعضائه، فقد روى الترمذي وابن حبّان من طريق هانئ بن هانئ عن علي قال: "الحسن كشبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بين الرأس إلى الصدر والحسين أشبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان أسفل من ذلك"[38]، ووقع في رواية عبد الأعلى عن معمر عند الإسماعيلي في رواية الزهري هذه "وكان أشبههم وجها بالنبي - صلى الله عليه وسلم -" وهو يؤيد حديث عليّ هذا، انتهى[39].



ه‍- حب آل البيت - رضي الله عنهم - بين المغالاة والمجافاة: قد يكون الحديث في هذا الأمر في هذا الوقت خاصةً مطلوبًا أكثر من أوقات مضت أو تأتي؛ ذلك أن حب آل البيت -رضوان الله عليهم جميعًا- يطفو على السطح هذه الأيام؛ التي يكثر فيها الكلام عن الشيعة ومعهم وسماعهم، والشيعة يُكثِرون من الدوران حول هذه الجزئية؛ بل يكادون يقيمون دينَهم عليها، في حين يفسدون ويغفلون أشياء أخرى أهم، فوجب علينا تبيِّينُ وجه الصواب في هذه المسألة؛ أي عقيدة أهل السنة والجماعة في هذه القضية.



وإذًا فآل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - هم الذين حرّمت عليهم الصدقة، وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس وبنو الحارث بن عبد المطلب وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وبناته - رضي الله عنهم - جميعًا هذا ما اتفق عليه أهل العلم من أهل السنة والجماعة، ولا يجوز لأحد أن يزيد عليهم ولا أن ينقص منهم.. قال الإمام ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "ثم الذي لا شك فيه من تدبّر القرآن أن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - داخلات في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ [الأحزاب: 33]؛ فإنّ سياق الكلام معهن؛ ولهذا قال تعالى بعد هذا كله: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله وَالْحِكْمَةِ ﴾ [الأحزاب: 34]؛ أي واعملن بما يُنـزِل الله تبارك وتعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم - في بيوتكن من الكتاب والسنة، قاله قتادة وغير واحد، واذكرن هذه النعمة التي خصصتن بها من بين الناس أن الوحي ينـزل في بيوتكن دون سائر الناس، وعائشة الصديقة بنت الصديق - رضي الله عنهما - أولاهن بهذه النعمة وأحظاهن بهذه الغنيمة وأخصهن من هذه الرحمة العميمة؛ فإنه لم ينـزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي في فراش امرأة سواها، كما نص على ذلك -صلوات الله وسلامه عليه- قال بعض العلماء -رحمه الله تعالى-: لأنه لم يتزوج بكرًا سواها، ولم ينم معها رجل في فراشها سواه - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنها، فناسب أن تخصص بهذه المزيّة وأن تفرد بهذه المرتبة العليا؛ ولكن إذا كان أزواجه من أهل بيته فقرابته أحق بهذه التسمية"[40].



والشيعة يُقصرون أهليّة البيت على عليٍّ وبنيه، فيقعون في مخالفاتٍ منها:

1- إخراج نساء النبي من آل البيت ويسبون عائشة - رضي الله عنها -.



2- إخراج آل العباس ويحملون على العباسيين، ويعتبرون ألا حق لهم في الخلافة التي أقاموها ببغداد.



3- تقديم آل علي على سائر الصحابة ويشتمون الصحابة، وأبا بكر وعمر، وهما أفضل من علي ومن آل بيته.



أما أهل السنة والجماعة فيحبون أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال يوم غدير خم[41]: "أذكركم الله في أهل بيتي"[42]. فأهل السنة يحبونهم ويكرمونهم لأن ذلك من محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإكرامه، وذلك شرط أن يكونوا متبعين للسنة مستقيمين على الملة. كما كان سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وبنيه، أما من خالف السنة ولم يستقم على الدين فلا تجوز موالاته ولو كان من أهل البيت.



فموقف أهل السنة والجماعة من أهل البيت موقف العدل والإنصاف، يتولون أهل الدين والاستقامة منهم. ويتبرؤون ممن خالف السنة وانحرف عن الدين ولو كان من أهل البيت؛ فإن كونه من أهل البيت ومن قرابة الرسول لا تنفعه شيئا حتى يستقيم على دين الله؛ فقد روى أبو هريرة - رضى الله عنه - قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزل عليه ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، فقال: "يا معشر قريش -أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بنَ عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمةَ رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنتَ محمدٍ سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا"[43]، والحديث "من بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه"[44].



ويتبرأ أهل السنة من طريقة الراوافض الذين يغلون في بعض أهل البيت ويدَّعون لهم العصمة، ومن طريقة النواصب الذين ينصبون العداوة لأهل البيت المستقيمين ويطعنون فيهم، ومن طريقة المبتدعة والخرافيين الذين يتوسلون بأهل البيت ويتخذونهم أربابا من دون الله.



فأهل السنة في هذا الباب وغيره على النهج المعتدل والصراط المستقيم، الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا جفاء ولا غلو في حق أهل البيت وغيرهم. وأهل البيت المستقيمون ينكرون الغلو فيهم ويتبرؤون من الغلاة، فقد حرق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضى الله عنه - الغلاة الذين غلوا فيه بالنار، وأقره ابن عباس - رضى الله عنه - على قتلهم لكن يرى قتلهم بالسيف بدلا من التحريق، وطلب علي - رضى الله عنه - عبد الله بن سبأ رأس الغلاة ليقتله لكنه هرب واختفى[45].



هذا، وقد قدمنا اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كسبب لحب الله تعالى عباده، قبل الإحسان والتقوى والخلق الإسلاميّ لأنه لا يصح إحسان ولا تقوى ولا غيرهما من أسباب حب الله للعبد إلا بعد صحة اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لأن اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الإسلام والإيمان اللذان لا يصح دين غيرهما؛ فلا يمكن للمشرك ولا للذمي ولا للمرتد إحسان ولا تقوى ولا إقساط، ولا أي نوع من أنواع الخير والبر؛ بل لا يقبل منه أصلا، وإنما عمله هذا مهما زاد فهو هباء منثور ومحبط بإذن الله. فعلمنا أن اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - هو شرط حب الله تعالى عباده الذي لا يتحصل إلا به، وأما ما عداه من إحسانٍ وغيره فهي مكملات تزيد في هذا الحب الذي يوجد إن شاء الله بمتابعة النبي - صلى الله عليه وسلم -. كذلك فإن محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - باب في اتباعه؛ فالله تعالى لم يشترط طاعته فقط بل ومحبته أيضًا.. فقد اشترط الشرع الحنيف طاعة المحبة لا طاعة الإجبار والبغضاء.


خلاصة هذا السبب:

1- وجوب اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدين كله، وأن ذلك أول أسباب محبة الله تعالى المسلمين؛ بل لا يصح سبب إلا من بعده.



2- محبة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فاتباعه ليس اتباع مكرَهٍ أو كارِه، وإنما اتباع محبٍّ مقبِل.



3- محبة أهل بيته -رضوان الله عليهم جميعا- وخاصة من وردت فيهم الأحاديث ممن سبق ذكرهم.

[1] [متفقٌ عليه] أخرجه البخاري في الإيمان [ح14]، ومسلم في الإيمان [ح44] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[2] [متفقٌ عليه] أخرجه البخاري [ح16]، ومسلم في الإيمان [ح43] من حديث أنس رضي الله عنه.

[3] [متفقٌ عليه] أخرجه البخاري [ح15]، ومسلم في الإيمان [ح43] من حديث أنس رضي الله عنه.

[4] أخرجه مسلم في الإيمان [ح44]، والنسائي [5014] عن أنس رضي الله عنه.

[5] [صحيح] أخرجه النسائي في الإيمان [ح14] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[6] أخرجه البخاري في الأيمان والنذور [ح 6632 ]، و"التي بين جنبيك" من حديث عبد الله بن هشام رضي الله عنه.

[7] انظر: الشيخ سعيد حوى "الرسول مشتاق إليك" نشر على شبكة المعلومات موقع "مون 15".

[8] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في فضائل الصحابة [ح3688]، ومسلم في البر والصلة والآداب [ح2639] من حديث أنس رضي الله عنه.

[9] [صحيح] سبق تخريجه قريبًا.

[10] أخرجه مسلم في فضائل الصحابة [ح2424]، والطبري في "تفسيره" [20/263] من حديث صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها.

[11] [إسناده صحيح] أخرجه الطبري في "التفسير" [20/264]: حدثني عبد الكريم بن أبي عمير، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو، قال: ثني شداد أبو عمار قال: سمعت واثلة بن الأسقع يحدث، قال: سألت عن علي بن أبي طالب. وصححه ابن حبان [15/432]. وعزاه السيوطي لابن أبي شيبه وأحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه.

[12] انظر: "تفسير الطبري" [ج19 ص101-107] مختصرا.

[13] [حسن غريب] أخرجه الترمذي في المناقب [ح3786] حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي حدثنا زيد بن الحسن هو الأنماطي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي".
• قال الترمذي: وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد. قال: وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. قال: وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من أهل العلم.

[14] انظر: "تحفة الأحوذي" [ج10 ص186-187] مختصرا.

[15] [صحيح] أخرجه الحاكم في "المستدرك" [3/141 ح4648] عن عوف بن أبي عثمان النهدي قال: قال رجل لسلمان ثم: ما أشد حبك لعلي! قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أحب عليًّا فقد أحبني، ومن أبغض عليًّا فقد أبغضني"، قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". قال المناوي -في "فيض القدير" [ج6 ص33]-: "قال الحاكم على شرطهما تركها الذهبي، ورواه أحمد باللفظ المزبور عن أم سلمة وسنده حسن". صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" حديث رقم [1299].

• وأخرجه الطبراني في "الكبير" [23/380 ح901] عن أبي الطفيل قال: سمعت أم سلمة مرفوعًا: "من أحب عليّا فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض عليّا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله".

• والبزار في "مسنده" [9/323 ح3874] عن أبي رافع - رضى الله عنه - مرفوعًا: "من أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله".

• وابن عدي في "الكامل" [4/349 ح1182] في ترجمة "عبادة بن زياد الكوفي، وقيل عبادة بن زياد الأسدي" عن يعلى بن مرة الثقفي مرفوعًا قال: "من أطاع عليّا فقد أطاعني ومن عصى عليا فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أحب عليّا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله.. لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا كافر أو منافق". قال ابن عدي: "عبادة بن زياد هو من أهل الكوفة من الغالين في الشيعة، وله أحاديث مناكير في الفضائل".

[16] [حسن] سبق تخريجه في الذي قبله.

[17] أخرجه مسلم في الإيمان [ح78]، والترمذي في المناقب [ح3736]، والنسائي في الإيمان وشرائعه [ح5022]، وابن ماجه في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم [ح114] من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

[18] انظر: "فيض القدير" [ج6 ص32].

[19] أخرجه الطبراني في "الأوسط" [[2/328 ح2125] حدثنا أحمد بن زهير قال نا إسماعيل بن أبي الحارث قال نا محمد بن القاسم الأسدي قال نا زهير بن معاوية عن أبي الزبير عن جابر - رضى الله عنه - فذكره.

• قال الطبراني - رضى الله عنه -: "لم يرو هذا الحديث عن زهير إلا محمد بن القاسم".
• وأخرجه الترمذي [ح3717] حدثنا قتيبة حدثنا جعفر بن سليمان عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري قال: "إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب".
• قال أبو عيسى: "هذا حديث غريب، إنما نعرفه من حديث أبي هارون، وقد تكلم شعبة في أبي هارون، وقد روي هذا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد". قال في "تحفة الأحوذي": [وَقَدْ تَكَلَّمَ شُعْبَةُ فِي أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ] قَالَ الْحَافِظُ: اسْمُهُ عُمَارَةُ بْنُ جُوَيْنٍ مَتْرُوكٌ وَمِنْهُمْ مَنْ كَذَّبَهُ شِيعِيٌّ. اه‍.

[20] انظر: "الاستذكار" [ج8 ص446].

[21] يعني قوله: "لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر"، وقول علي: "أن لا يحبنى إلا مؤمن ولا يبغضنى إلا منافق".

[22] انظر: "شرح النووي على مسلم" [ج2 ص64] مختصرا.

[23] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في فرض الخمس [ح3110]، ومسلم في فضائل الصحابة [ح2449] من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه.

[24] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في المناقب [ح3714]، ومسلم في فضائل الصحابة [ح2449] من حديث المسور بن مخرمة - رضى الله عنه - بلفظ: "فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني".

[25] [صحيح] أخرجه الحاكم في المستدرك [3/173 ح4749] أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة أخبرني أبي عن الشعبي عن سويد بن غفلة. فذكره. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة". وقال الحافظ -في "الفتح" [ج9 ص328]-: "سنده صحيح".

[26] أخرجه البخاري في النكاح [ح5230] من حديث المسور بن مخرمة - رضى الله عنه - بهذا اللفظ.

[27] أخرجه البخاري في فرض الخمس [ح3110] من حديث المسور بن مخرمة - رضى الله عنه - بهذا اللفظ.

[28] المتكلم هو الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-.

[29] يعني الحسين - رضى الله عنه - في كربلاء.

[30] انظر: "فتح الباري" [ج9 ص328-327] باختصار وتصرف.

[31] أخرجه مسلم في الجهاد والسير [ح1759] من حديث عائشة رضي الله عنها، والحديث طويل.

[32] رواه البخاري في فضائل الصحابة، باب/ قول النبي لو كنت متخذا خليلا [ح3462]، وفي المغازي، باب/ غزوة ذات السلاسل وهي غزوة لخم وجذام [ح4100] من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه.

[33] [حسن غريب] أخرجه الترمذي في المناقب [ح3769] حدثنا سفيان بن وكيع وعبد بن حميد قالا حدثنا خالد بن مخلد حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي عن عبد الله بن أبي بكر بن زيد بن المهاجر أخبرني مسلم بن أبي سهل النبال أخبرني الحسن بن أسامة بن زيد أخبرني أبي أسامة بن زيد. فذكر الحديث.
• قال الترمذي: "حديث حسن غريب".
• [قلت] : والحديث أصله في البخاري في المناقب [ح3736] من حديث أبي عثمان عن أسامة بن زيد. وليس فيه ذكر الحسين.

[34] [إسناده جيد] أخرجه ابن خزيمة [2/48 ح887] وابن حبان [15/426 ح6970 و3237]، والطبراني في "الكبير" [3/40-2644]، وأبو نعيم في "الحلية" [8/305] عن عاصم عن زر عن عبد الله. فذكره. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" [9/179]: "رواه أبو يعلى والبزار، وقال: فإذا قضى الصلاة ضمهما إليه، والطبراني باختصار، ورجال أبي يعلى ثقات، وفي بعضهم خلاف"، وفي رواية أخرى: "رواه البزار وإسناده جيد". وذكر الدارقطني في العلل [5/64 مسألة: 709] أنه يشبه أن يكون من عاصم يصله مرة ويرسله أخرى.

[35] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في اللباس [ح 3736]، ومسلم في فضائل الصحابة [ح2421] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[36] [حسن] أخرجه الترمذي في المناقب [ح3775]، وابن ماجه في المقدمة [ح144]، وأحمد [ح17111] من حديث يعلى بن مرة رضي الله عنه. قال الترمذي: "حديث حسن". قال البوصيري -في "مصباح الزجاجة"-: "هذا إسناد حسن رجاله ثقات".

[37] شكك البعض في كونهما صحابيين، والذي نحن عليه أنهما وعبد الله بن الزبير وأضرابهم صحابة.

[38] أخرجه الترمذي [ح3779]، وأحمد [1/99 و108]، وابن حبان في صحيحه [15/430 ح6974]، والضياء في "المختارة" [2/394] من طريق: إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي - رضى الله عنه - مرفوعًا، به. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب".

[39] انظر: "تحفة الأحوذي" [ج10 ص178-186] مختصرا.

[40] انظر: "تفسير ابن كثير" [ج3 ص636]، وراجع : "كتاب التوحيد" للفوزان [ص85-86].

[41] هو اسم موضع.

[42] أخرجه مسلم في فضائل الصحابة [ح2408] من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه.

[43] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في الوصايا [ح2753]، ومسلم في الإيمان [ح206] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[44] أخرجه مسلم في الذكر والدعاء [ح2699]، وأبو داود [3643]، والترمذي [2945]، وابن ماجه [225] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[45] انظر: "كتاب التوحيد" للفوزان [ص86-87].

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/51532/#ixzz2TutugV2s


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




أسباب محبة الله تعالى للعبد Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسباب محبة الله تعالى للعبد   أسباب محبة الله تعالى للعبد Emptyالإثنين مايو 20, 2013 11:17 am





من أسباب محبة الله تعالى عبدًا
- تزكية النفس بمكارم الأخلاق (1) -
[الرِّفق، الحلم والأناة، العفو، التماس الأعذار، التحدُّث بنعم الله تعالى، الجمال]


أولاً: معالي (محاسن) الأخلاق وسفسافها:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يحب معالي الأخلاق ويبغض سفسافها"[1]، وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ مَا يَتَكَلَّمُ مِنَّا مُتَكَلِّمٌ، إِذْ جَاءَهُ ناس من الأعراب فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! أَفْتِنَا فِي كَذَا، أَفْتِنَا فِي كَذَا، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ وَضَعَ الله عنكم الْحَرَجَ؛ إِلا امرءًا اقْتَرَضَ مِنْ عرض أَخِيهِ قَرْضًا فَذَلِكَ الَّذِي حَرِجَ وَهَلَكَ"، قالوا: أَفَنَتَدَاوَى يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "نَعَمْ؛ فإِنَّ الله - عز وجل - لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! وَمَا هُوَ؟ قَالَ: "الْهَرَمُ"، قَالُوا: فأي الناس أحب إلى الله يا رسول الله؟ قال: "أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا"[2].



قال المناوي:

معالي الأخلاق من الحلم ونحوه من كل خُلُق فاضل. ولما ذكر "ويكره"[3] - لفظ رواية أبي نعيم "ويبغض" - "سفسافها" -بفتح أوَّلِه المهمل- أي رديئها. قال ابن عبد السلام: الصفاتُ الإلهية ضربان: أحدهما يختصّ به كالأزلية والأبدية والغنى عن الأكوان، والثاني يمكن التخلُّق به وهو ضربان: أحدهما لا يجوز التخلّق بها كالعظمة والكبرياء، والثاني ورد الشرع بالتخلُّق به كالكرم والحلم والحياء والوفاء، فالتخلُّقُ به بقدر الإمكان مُرضٍ للرحمن مرغِمٌ للشيطان. وقال في الصحاح: السفساف الرديء من الشيء كلّه والأمر الحقير، وقال الزمخشري: تقول العرب شعر سفساف وكل عمل لم يُحكمِه عامله فقد سفسفه. وكل رجل مسفسف لئيم العطيّة، ومن المجاز قولهم: تحفظ من العمل السفساف ولا تسف له بعض الإسفاف..


وسام جسيمات الأمور ولا تكن
مُسفًّا إلى ما دقّ منهن دانيا[4]



وقد دعا الإسلام دومًا إلى مكارم الأخلاق ونفَّر من رذائلها؛ بل أجزل الله تعالى للخلوقين وتوعد لؤماء الأخلاق، حتى حصر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وظيفتَه في تتميم مكارم الأخلاق فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"[5]، ومعلوم -عند البلاغيين- أن "إنما" تفيد الحصر، وليس معنى هذا أن باقي الشرع ليس مُهمًّا، بل إنه مهمٌّ للترقي في سُلَّم الأخلاق الفاضلة، كما أنه مفيدٌ في تحصيل رضى الله تعالى وثوابِه ابتداءً.. قال تعالى: ﴿ وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، وقال: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾ [التوبة: 103]، وقال: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، وقال: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].



وهكذا فسائر العبادات إنما شُرِعت لتحسين الأخلاق الذي هو تزكية النفس، والتي حصر الله تعالى فيها الفلاح؛ فقال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [الأعلى: 14]، وقال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾ [الشمس: 9]، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما بُعث في أقوامٍ كانوا يُعلون الأخلاق الفاضلة وأصحابَها؛ إلا أنَّهم كانوا قد تطرّفوا ببعضها حتى خرجوا به عن طور الاعتدال، فأبقى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على الحسَن من أخلاقهم وصرف عن الرذل منها، واستعمل الشرعُ في ذلك ترغيب من حسنت أخلاقهم وضرَبَ الأمثلةَ عليهم بالنبيين والصالحين، وترهيبَ من ساءت أخلاقهم وضرب المثل عليهم بالهالكين أمثال فرعون وهامان وقارون عليهم من الله ما يستحقون.



ثانيًا: الرِّفْقُ واللِّين:

وأول الأخلاق التي يحبّها الله ويندب إليها الإسلام الرِّفق؛ لأنه المدخل إلى جميع الأخلاق العالية، فعن عروة بن الزبير أن عائشة -رضي الله عنها- زوجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: دخل رهطٌ من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا السامُ عليكم، قالت عائشة: ففهمتها فقلت وعليكم السامُ واللعنة، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مهلاً يا عائشة! إن الله يحبّ الرفق في الأمر كلِّه"، فقلت: يا رسول الله أوَلَم تسمع ما قالوا؟ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد قلت وعليكم"[6]. وعنها -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن اللهَ يحبُّ الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه"[7].



قال الحافظ: في حديث عمرة عن عائشة عند مسلم أن "الله رفيقٌ يحبّ الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف"، والمعنى أنه يتأتَّى معه من الأمور ما لا يتأتَّى مع ضدِّه، وقيل المراد يثيبُ عليه ما لا يثيب على غيره والأول أوجَه، وله في حديث شريح بن هانئٍ عنها أن "الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه ولا يُنـزَع من شيء إلا شانه"[8]، وفي حديث أبي الدرداء "من أُعطِي حظَّه من الرفق فقد أُعطي حظه من الخير" الحديث[9]، وفي حديث جريرٍ عند مسلم "من يُحرَم الرفقَ يُحرَم الخيرَ كلَّه"[10].



وقال الإمام النووي: هذا من عظيم خُلُقِه - صلى الله عليه وسلم - وكمال حلْمه، وفيه حثٌّ على الرِّفق والصبر والحلم وملاطفة الناس، ما لم تدعُ حاجةٌ إلى المخاشنة[11].



• توزُّعُ الصالحين بين الرفق والشدة:

ولقد نكون في مسيس حاجةٍ إلى بحث عميق يدور حول هذه الجزئية لأسبابٍ أحسبها وجيهةً.. لعل منها:

1- أننا -معشر المسلمين- ابتلينا في هذا الزمن بالاختلاف حتى تفرّق أمرُنا بسببه وتمزَّقْنا كل ممزق.



2- أن لاختلافنا هذا سببًا ممدودًا بالطباع التي تختلف من شخصٍ لآخر، بل من مجموعةِ أشخاص كبيرةٍ جدًّا إلى مجموعةٍ أخرى كبيرة أيضًا. وهذا أمر حادثٌ في الأمة المسلمة بعد عهود الأخيار من الصحابة والتابعين -رضوان الله عليهم.



3- أن دارسي موضوع الاختلاف - على ذكرِهم الجهل والتعصّب والإغراض وغيرها كأسبابٍ للخلاف- يكادون يغفلون اختلاف الطباع والأمزجة كسببٍ للاختلاف؛ فلم يَشُع بين الناس أنه سبب له كالجهل والتعصب والإغراض مع أنه أهمُّها وأخطرها.



4- أن الدِّين الخاتم [الإسلام] لم ينْزل للرفقاء فقط ولا للخشناء فحسب، فكان أجدرَ بنا -لو أحسنّا الفهم- أن نراعِيَ اختلاف الأمزجة والطباع، فما كان من الخلاف لذلك تقبّلناه، كما تقبّل أبو بكر -رضى الله عنه- رأي عمر وابن رواحة وكما تقبّلا -رضي الله عنهما- رأيَه في أسرى بدرٍ في الرواية التالية...



قال المباركفوري: لما كان يومُ بدرٍ وجِيء بالأسارَى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تقولون في هؤلاء"؟ فقال أبو بكرٍ: يا رسولَ الله! قومُك وأهلك.. استبْقِهم واستأنَ بهم لعل اللهَ أن يتوبَ عليهم، وخذ منهم فديةً تكون لنا قُوّةً على الكفّار، وقال عمر: يا رسول الله! كذَّبوك وأخرجوك فدعهم نضرِب أعناقهم.. مكِّن عليًّا من عقيلٍ فيضرب عنقه، ومكّن حمزة من العباس فيضرب عنقه، ومكنِّى من فلان -نسيبٍ لعمر- فأضرِب عنقه؛ فإن هؤلاء أئمةُ الكفر، وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله! انظر واديًا كثيرَ الحطب فأدخلهم فيه ثم أضرمه عليهم نارًا، فقال له العباس: قطعت رحِمَك، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يُجبهم ثم دخل، فقال ناسٌ: يأخذُ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول ابنِ رواحة، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن اللهَ ليُلِينُ قلوبَ رجالٍ حتى تكون أليَن من اللين، ويشدّ قلوب رجال حتى تكون أشدَّ من الحجارة، وإن مثلَك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال ﴿ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36]، ومثلَك يا أبا بكر مثل عيسى قال ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، ومثلك يا عمر مثل نوحٍ قال: ﴿ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ﴾ [نوح: 26]، ومثلَك يا عبدَ اللهِ بنَ رواحةَ كمثل موسى قال: ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ ﴾ [يونس: 88]، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اليوم أنتم عالةٌ فلا يفلتنّ أحدٌ منهم إلا بفداء أو ضرب عنق"، قال عبد الله بن مسعود: إلا سهيل بن بيضاء فإني سمعته يذكر الإسلام، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال فما رأيتُني في يومٍ أخوفَ أن تقع عليَّ الحجارة من السماء من ذلك اليوم، حتى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا سهيل بن بيضاء"[12]. قال ابن عباس: قال عمر بنُ الخطاب فهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر ولم يهْوَ ما قلتُ، وأخذ منهم الفداء؛ فلما كان من الغدِ جئتُ فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر قاعدانِ يبكيان، فقلت: يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبكي على أصحابك مِن أخذِهم الفداء، لقد عُرِض عليَّ عذابُهم أدنى من هذه الشجرة" لشجرةٍ قريبة من نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله - عز وجل - عليه ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ ﴾ [الأنفال: 67][13].



وإذًا فإبراهيم وعيسى -عليهما السلام- وأبو بكر الصديق -رضى الله عنه- كانوا رُفقاء ليِّنين، وموسى ونوحٌ -عليهما السلام- وعمر بن الخطاب وعبد الله بنُ رواحة –رضي الله عنهما- كانوا أشداء خشناء، فما علينا أن يكون بيننا -معاشر المسلمين- اليوم، ونحن الأقل غَناءً وزكاءً، أن يكون فينا من يشبه هذا الفريق أو ذاك؟ وأن نكُفَّ عن أن يحمل الليِّنون على الأشداء أو الأشداء على الليِّنين، مادام الشرع يسعُ هذا وهذا، ألم يسَع الشرعُ الحنيف أبا بكرٍ وعمر؟ ومن قبلهما إبراهيم وموسى قدوتان لمن يقتدي؟ ألم يتبع عمر بن عبد العزيز سياسةَ ابن الخطاب في حين لم يطق سياسة الصدّيق؟ ومن قبله لم يطق عثمانُ وعليٌّ -رضي الله عنهما- سياستَهما، فما لنا لا نتعلّم؟!.



لماذا يوجب البعض على الجميع جهادَ التطوُّع في كل ثغرٍ؟ ويوجب آخرون عليهم قيامَ الليل حتى تشرق الشمس؟ في حين أن فرائض الإسلام معروفةٌ ومندوباتُه معروفة.. لماذا -يا إخوَتاه- لا تُقرُّون بأن لكل واحدٍ طاقةً واحتمالا؟



ألم تقرأوا قصة معاذٍ وسلَيم؛ التي جاء فيها أنه "كان معاذٌ يصلِّي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء الآخرة، ثم يرجعُ فيصلي بأصحابه، فرجَع ذات ليلة فصلّى بهم، وصلّى فتىً من قومِه من بني سلَمةَ يقال له: سليم، فلما طال على الفتى انصرف فصلّى في ناحية المسجد، وخرج وأخذ بخطام بعيره وانطلق، فلما صلّى معاذٌ ذُكِرَ ذلك لَه، فقال: إن هذا به لنفاقٌ! لأُخبرنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي صنع، وقال الفتى: وأنا لأخبرنّ رسولَ الله بالذي صنع، فغدَوْا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرَه معاذٌ بالذي صنع الفتى، فقال الفتى: يا رسولَ الله! يطيل المُكث عندك ثم يرجِع فيطيل علينا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفتَّانٌ أنت يا معاذ؟! وقال للفتى: كيف تصنعُ أنت يا ابنَ أخي إذا صلَّيتَ؟ قال: أقرأُ بفاتحة الكتاب وأسأل اللهَ الجنةَ وأعوذ به من النار، وإني لا أدري ما دندنتُك ودندنة معاذٍ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني ومعاذًا حول هاتين، أو نحو ذا، قال: فقال الفتى: ولكن سيعلمُ معاذٌ إذا قدِم القوم، وقد خُبِّروا أن العدُوَّ قد أَتَوْا، قال: فقدموا فاستُشْهِد الفتى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك لمعاذ: ما فعل خَصمي وخصمُك؟ قال: يا رسول الله! صدق اللهَ وكذبتُ.. استشهد"[14].



إننا -معاشر المسلمين- في أمسّ الحاجة إلى بابٍ من العلم يحصر لنا ما أمكن مما يسع فيه الخلاف، وفي حاجةٍ إلى تأصيلٍ فقهي لهذا الباب من العلم، فهل من العلماء أو طلبة العلم من يقومُ بذلك؟؟ إنها دعوةٌ أتوجَّه بها إلى الحريصين على نزع فتيل الاختلاف بين المسلمين، وبخاصّة أهل السنة والجماعة؛ الذين -يا للحسرة والخسارة- تفرَّقوا بين حديثِيِّين ونِقابيّين وسياسيّين وجِهاديّين؛ فيقول الحديثيون: الحديث ولا نقابات ولا سياسة ولا جهاد الآن، ويقول النِّقابيّون: نفعُ المسلمين وتسيير أمورهم أوْلى، ويقول السياسيون: السياسة ولا شيء غيرها، ويقول الجهاديون: الجهاد.. الجهاد!!.



أمَا إنّي لأقول:

إن العلمَ والسياسةَ والسعيَ في حاجة المسلمين والجهادَ في سبيل الله.. كلَّ ذلك وغيره في الإسلام، ولا يصحّ إخراجُ شيءٍ منها من الدِّين مادمتم مجمِعِين على أن الإسلام منهجُ حياة شاملٍ متكامل، وكيف يكون شاملا متكاملاً إن لم يكن يحتوي هذه المجالات الحياتية كلّها؟! فليسعْنا -أيها القوْمُ- ما وسِع أنبياءَ الله وأصحابَ رسول الله.



إن تعلّم عقيدةَ التوحيد لا يتأجّل، وجهادَ العدو المحتلّ بلادنا لا يتأجل، والسعي في حاجات الفقراء والمعوِزين لا يتأجل، ومحاربة الفساد المستشري في سياسة وإدارة العلمانيِّين بلادَنا لا يتأجّل.. ولا ضيرَ أن تقوم طائفةٌ منا بشيء من هذا، وأخرى بآخر، وثالثة بثالث،.. وهلم جرّا.. ألم تقرأوا قول الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122]؟!!.



ثالثًا: الحلم والأناة:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأشَجّ عبد القيس: "إن فيك خَصْلَتين يحبُّهما الله.. الحلم والأناة"[15]. قال المباركفوري: ويجوز فيه وجهانِ: النصبُ على البدَليِّة والرفعُ على أنه خبر مبتدإٍ محذوف؛ أي هما الحلم والأناة. قال النوويّ: الحلم هو العقل، والأناة هي التثبُّت وترك العجلة، وهي مقصورة يعني بوزن نواة، وسبب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك له ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلُوا إلى المدينة بادروا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقام الأشج عند رِحالهم فجمعها وعقَل ناقتَه ولبِس أحسنَ ثيابه، ثم أقبل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرَّبه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأجلسه إلى جانبه، ثم قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تبايعون على أنفسِكم وقومكم"، فقال القوم: نعم، فقال الأشجّ: يا رسولَ الله إنك لم تزاود الرجل عن شيءٍ أشدَّ عليه من دينه، نبايعك على أنفسنا ونرسلُ إليهم من يدعوهم، فمن اتَّبَعنا كان منّا ومن أبى قاتلناه، قال: "صدقتَ إن فيك خصلتين.."[16] الحديث. قال القاضي عياض: فالأناة تربُّصُه حتى نظر في مصالحه ولم يعجَل، والحلم هذا القول الذي قاله الدالُّ على صحَّة عقله وجَودة نظره للعواقب[17].



رابعًا: العفو:

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت يا رسول الله! أرأيت إن علمت أيّ ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفُوٌّ كريمٌ تحبُّ العفو فاعفُ عنِّي"[18].



وإذا كان عز وجل يحب العفو فقد أمرَنا به وحثَّنا عليه.. قال عز من قائل: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ [آل عمران: 159]، وقال تعالى: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 13]، وقال سبحانه: ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ ﴾ [البقرة: 109]، وقال - عز وجل -: ﴿ خُذْ الْعَفْوَ ﴾ [الأعراف: 199]، وقال تعالى: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].



ويؤخذ من هذا الحديث مندوبان؛ الأول: بذل العفو للأدنى؛ وهو كل من طلبه.. كان ما كان من جريرته ما دام المرء قادرا عليه، والثاني: طلبه من الأعلى وهو الله تعالى وحده.



خامسًا: التماس الأعذار:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وليس أحدٌ أحبّ إليه العذر من الله؛ من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل"[19].



قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-:

قال ابن بطال: هو من قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ ﴾ [الشورى: 25]؛ فالعذر في هذا الحديث التوبة والإنابة، كذا قال، وقال عياض: المعنى بعث المرسلين للإعذار والإنذار لخلقه قبل أخذهم بالعقوبة، وهو كقوله تعالى: ﴿ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء: 165]، وحكى القرطبي - في المفهم - عن بعض أهل المعاني قال: إنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا أحد أحب إليه العذر من الله" عقب قوله "لا أحد أغير من الله"، منبِّها لسعد بن عبادة على أن الصواب خلاف ما ذهب إليه، ورادعا له عن الإقدام على قتل من يجده مع امرأته؛ فكأنه قال: إذا كان الله مع كونه أشد غيرة منك يحب الإعذار ولا يؤاخذ إلا بعد الحجة؛ فكيف تقدم أنت على القتل في تلك الحالة؟!... وقال القرطبي: ذكر المدح مقرونًا بالغيرة والعذر تنبيهًا لسعد على أن لا يعمل بمقتضى غيرته ولا يعجل؛ بل يتأنى ويترفق ويتثبت حتى يحصل على وجه الصواب، فينال كمال الثناء والمدح والثواب لإيثاره الحق وقمع نفسه وغلبتها عند هيجانها، وهو نحو قوله "الشديد من يملك نفسه عند الغضب"، وهو حديث صحيح متفَقٌ عليه[20].



وإذا كان الإعذار محبوبًا إلى الله - عز وجل -، وأنه - عز وجل - يعذر؛ فيجب علينا أن يعذر بعضُنا بعضًا؛ لكنّ لابد لهذا الإعذار من ضوابط، حتى ينوء كل إنسانٍ بمسئولياته وذنوبه، فالإنسان يجري عليه النسيان والخطأ غير المتعمّد، ولكنه مسئولٌ مكلّف.. هذا هو الأصل أنه مسئول عما يفعل، ويعذر للعوارض؛ من جهل وخطأ ونسيان وضعف... الخ.



سادسًا: التحدُّث بنعم الله تعالى وإبداؤها:

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يحبُّ أن يرى أثر نعمته على عبده"[21]. وأتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ سيئُ الهيئة فقال: "ألك مال"؟ قال: نعم من كل أنواع المال. قال: "فَلْيُر عليكَ؛ فإن الله يحبُّ أن يرى أثرَه على عبده حسنًا، ولا يحبُّ البؤس ولا التبؤُّس"[22].



قال المناوي -في شرح صيغة أخرى لهذا الحديث-:

"إذا آتاك اللهُ مالاً"؛ أي متمولا وإن لم تجب فيه الزكاة "فلير" -بسكون لام الأمر- "عليك؛ فإن الله يحبّ أن يرى أثره" -محرَّكا- أي أثر إنعامه "على عبده حسنًا" بحسن الهيئة والتجمّل. قال البغَوِيُّ: هذا في تحسين ثيابه بالتنظيف والتجديد عند الإمكان من غير مبالغة في النعومة والترفُّه ومظاهرة الملبس على الملبس على ما هو عادة العجم والمترفِّهين، "ولا يحب" يعني يبغض "البؤس" -بالهمز والتسهيل- أي الخضوع والذّلة ورثاثة الحال؛ أي إظهار ذلك للناس، "ولا التباؤس" -بالمد وقد يقصر- أي إظهار التمسكُن والتخلقُن والشكاية؛ لأنَّ ذلك يؤدّي لاحتقار الناس له وازدرائهم إيّاه وشماتة أعدائه، فأمّا إظهار العجز فيما بينه وبين ربّه بلا كراهةٍ لقضائه ولا تضجُّر فمطلوب[23].



وقال أيضًا -بتصرُّفٍ قليل:

المالُ الشيءُ له قيمةٌ يباع بها، سُمِّي مالا لأنه يُميل القلوب أو لسرعة ميله أي زواله؛ فلير الناس "أثر" -بالتحريك- "نعمة الله عليك"؛ أي سمة إفضاله وبهاء عطائه؛ فإن مِنْ شُكر النعمة إفشاءَها كما في حديث آخر، ولما كان من النعَم الظاهرة ما يكون استدراجًا وليس بنعمةٍ حقيقية، وفي حديثٍ آخر أردفه بما يفيد أن الكلام في النعم الحقيقية فقال "وكرامته" التي أكرمك بها، وذلك بأن يلبَس ثيابًا تليق بحاله نفاسةً وصفاقة ونظافة؛ ليعرفه المحتاجون للطلب منه، مع رعاية القصد وتجنب الإسراف، ذكره المظهر وكان الحسن يلبس ثوبًا بأربع مائة وفرقد السنجي يلبس المسح فلقِيَ الحسن فقال ما أليَن ثوبك! قال: يا فرقد ليس ليّنُ ثيابي يبعدُني عن الله ولا خشونةُ ثوبك تقرِّبُك منه، إن الله جميلٌ يحبُّ الجمال. فإن قلت: الحديثُ يعارضه حديث "البس الخشن من الثياب" وحديث "تمعددوا واخشوشنوا" قلت -أي العلامة المناوي رحمه الله-: لا؛ فإن المصطفى -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- طبيبُ الدِّين وكان يجيب كلاًّ بما يُصلح حالَه؛ فمن وجده يميل إلى الرفاهية والتنعم فخرًا وكبرًا يأمره بلبس الخشن، ومن وجدَه يقتِّر على نفسه ويبالغ في التقشُّف مع كونه ذا مالٍ يأمره بتحسين الهيئة والملبس، فلا ينبغي لعبدٍ أن يكتم نعمة الله تعالى عليه ولا أن يُظهر البؤسَ والفاقة؛ بل يبالغ في التنظيف وحسن الهيئة وطيّب الرائحة والثياب الحسنة اللائقة، ولله در القائل:
فرثاث ثوبِك لا يزيدُك زُلفةً
عند الإله وأنت عبدٌ مجرِمُ
وبهاءُ ثوبك لا يضرُّك بعد أن
تخشى الإلهَ وتتقي ما يحرُمُ



وعن أبي الأحوص... قال: أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا قشف الهيئة قال: "هل لك من مال"؟ قلت نعم، فذكره[24].

[1] [حسن] سبق تخريجه بتوسع. ومعالي الأخلاق أي أشرافها ومكارمها، وسفسافها أي حقيرها وأراذِلها.

[2] [إسناده صحيح] أخرجه ابن حبان في "صحيحه" [2/236 ح486] بإسناد حسن رجاله ثقات عدا عبد الله بن محمد القنطري وهو صدوق حسن الحديث، والطبراني في "الأوسط" [7/140-141 ح7103]، بلفظ: "عن أنس قال: لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا ذر فقال: يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما، قال: بلى يا رسول الله! قال: عليك بحسن الخلق وطول الصمت؛ فوالذي نفس محمد بيده ما عمل الخلائق عملا أحب إلى الله منهما"، وفي "الكبير" [ح473] بإسناد ضعيف، قال الطبراني: "لم يروه عن ثابت إلا بشار بن الحكم"، وقال شعيب الأرنؤوط في حديث ابن حبان: "إسناده صحيح"، وصحَّحه الألباني في "الجامع الصغير" [رقم 179] وفي "الصحيحة" [رقم 432]، ونقل عن المنذري والهيثمي قولهما: "ورواته محتجٌّ بهم في الصحيح".

[3] في الحديث أعلاه "يبغض" لكن خرجناه قبل ذلك بلفظ "يكره".

[4] انظر: "فيض القدير" [ج2 ص226 و251[.

[5] [حسن] أخرجه أحمد [2/381 ح8939]، وابن سعد في "الطبقات" [1/192] بلفظ: "صالح الأخلاق". أخرجه الحاكم [2/670 ح4221] والبيهقي [10/191 ح20572]، والديلمى [2/12 ح2098]، والقضاعي في "مسنده" [2/192 ح1165] من حديث أبي هريرة - رضى الله عنه -. وقال: "صحيح على شرط مسلم". وأخرجه مالك بلاغا [2/904 ح1609] بلفظ "إنما بعثت لأتمم حسن الأخلاق". قال الحافظ -في "فتح الباري" [ج6 ص575]-: "أخرج أحمد من حديث أبي هريرة رفعه إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق وأخرجه البزار من هذا الوجه بلفظ مكارم بدل صالح". وقال الهيثمي -في "المجمع" [8/188]-: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". وقال العجلوني -في "كشف الخفاء" [1/244 ح638]-: "رواه مالك في الموطأ بلاغا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال ابن عبد البر: هو متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره، ومنها ما رواه أحمد والخرائطي في "أول المكارم" بسند صحيح عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق"، ومنها ما رواه الطبراني في "الأوسط" بسند فيه عمر بن إبراهيم القرشي، وهو ضعيف، عن جابر مرفوعا بلفظ "إن الله بعثني بتمام مكارم الأخلاق، وكمال محاسن الفعال"، لكن معناه صحيح، ومنها ما عزاه الديلمي لأحمد في "مسنده" عن معاذ". اه‍.

[6] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري [ح5678 و2777]، ومسلم [2165] من حديث عائشة رضي الله عنها.

[7] أخرجه مسلم في البر والصلة [ح2593] من حديث عائشة رضي الله عنها.

[8] أخرجه مسلم في البر والصلة [ح2594] من حديث عائشة رضي الله عنها.

[9] [صحيح] أخرجه الترمذي في البر والصلة [ح2013]، والبخاري في "الأدب المفرد" [ح464]، والحميدي [ح393 و394]، أحمد [6/451 ح28104 و28106]، وعبد بن حميد [ح214] عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكره. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

[10] أخرجه مسلم في البر والصلة [ح 2592] من حديث جرير بن عبد الله البجلي - رضى الله عنه -. وانظر: "فتح الباري" [ج10 ص 449]، وانظر: "فتح الباري" [ج10 ص449].

[11] انظر: "شرح النووي على مسلم" [ج14 ص145].

[12] عزاه السيوطي -في "الدر المنثور" [ج4 ص105] - لابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه، وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه.

[13] انظر: "تحفة الأحوذي" [ج5 ص305-306]. والحديث عزاه السيوطي -في "الدر المنثور" [ج4 ص28] - لابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبي داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي عوانة وابن حبان وأبي الشيخ وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي معا في "الدلائل" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

[14] [صحيح] أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" [ح1634] من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والحديث أصله في الصحيحين بغير هذا اللفظ، وانظر: الألباني في "صفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها" ط14 المكتب الإسلامي [ص76-77] و[ص86].

[15] أخرجه مسلم في الإيمان [ح17 و18]، والبخاري في "الأدب المفرد" [ح586]، والترمذي [ح2011]، وابن ماجه [ح586] جميعًا عن أبي جمرة عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأشج عبد القيس: "إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة". وفي لفظ: أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال للأشج العصري: "إن فيك خصلتين يحبهما الله؛ الحلم والحياء".

[16] كذا ذكره الإمام النووي في "شرح مسلم" [ج1 ص189] ولم يعزه لأحد، ولم أقف عليه بهذا اللفظ.

[17] انظر: "تحفة الأحوذي" [ج6 ص128-129].

[18] [صحيح] أخرجه الترمذي في الدعوات [ح3513]، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وابن ماجه في الدعاء، باب/ الدعاء بالعفو والعافية [ح3850]، وأحمد في "المسند" [ح25423 و25534 و25536 و25544 و25782 و26258]، والحاكم في "المستدرك" [1/712 ح1942] بأسانيد صحيحة بعضها رجال الشيخين، وبألفاظ متقاربة من حديث عائشة رضي الله عنها، وهذا لفظ الترمذي.

• وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" [2/300 ح1023]، والطبراني في "الأوسط" من حديث أبي سعيد الخدري - رضى الله عنه -، لكن بسند فيه يحيى بن ميمون التمار، قال الهيثمي في "المجمع" [10/273]: "وهو متروك".

[19] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في التوحيد، باب/ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - [لا شخص أغير من الله] [ح6980]، ومسلم في كتاب اللعان [ح1499]، وفي كتاب التوبة، باب/ غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش [ح2760]، واللفظ له.

[20] انظر: "فتح الباري" [ج13 ص399-400] مختصرا.

[21] [حسن] أخرجه الترمذي في "الأدب" [ح2819]، وقال الترمذي: "وفي الباب عن أبي الأحوص عن أبيه وعمران بن حصين وابن مسعود، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن".

[22] [حسن بشواهده] قدمنا تخريجه وألفاظه بتوسع في أول الكتاب، وأنه رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو هريرة، أنس بن مالك، أبو سعيد الخدري، وعمران بن حصين، وزهير بن أبي علقمة الضبعي، ويحيى بن جعدة مرسلا. فراجعه إتمامًا للفائدة، والله الموفق للصواب.

[23] انظر: "فيض القدير" [ج1 ص236].

[24] انظر: "فيض القدير" للمناوي [ج1 ص235]، ثم قال المناوي -في هذا الحديث-: قال العراقي في "أماليه" حديث صحيح.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/52446/#ixzz2TuuKpJF0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




أسباب محبة الله تعالى للعبد Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسباب محبة الله تعالى للعبد   أسباب محبة الله تعالى للعبد Emptyالإثنين مايو 20, 2013 11:20 am



من أسباب محبة الله تعالى عبدًا
- تزكية النفس بمكارم الأخلاق (2) -
[التجمُّل، السماحة في البيع والشراء والاقتضاء، الحنيفية السمحة، الغيرة في الريبة، الخيلاء في القتال والصدقة، التقى (أو البر) والغنى والخفاء، الحياءُ والسّتْرُ]


توقفنا في المقالة السابقة مع الرِّفق، الحلم والأناة، العفو، التماس الأعذار، التحدُّث بنعم الله تعالى، الجمال؛ ونستكمل اليوم بقية أسباب تزكية النفس بمكارم الأخلاق الموصلة لمحبة الله - عز وجل.



سابعًا: التجمُّل:

عن عبد الله بن مسعود - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يدخلُ الجنَّةَ من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، قال رجلٌ: إن الرجل يحب أن يكون ثوبُه حسنًا ونعلُه حسنة، قال: "إن الله جميلٌ يحب الجمال، الكِبْر بطَرُ الحق وغمْطُ الناس"[1]. وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مِثقال ذرّة من كبر، ولا يدخل النار يعني من كان في قلبه ذرة من إيمان"، فقال له رجل: إنه يعجبني أن يكون ثوبي حسنًا ونعلي حسنًا، قال: "إن الله يحب الجمال؛ ولكن الكبر من بَطر الحق وغمَص الناس"[2].



وروى مسلم عن عبد الله أيضًا قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل النارَ أحدٌ في قلبه مثقال حبَّة خردلٍ من إيمان، ولا يدخلُ الجنةَ أحد في قلبه مثقال حبّة خردل من كبرياء"[3]، وقوله - صلى الله عليه وسلم - "وغمط الناس" في مسلم والبخاري وأبي داود "غمط"[4] - بالطاء - وفي الترمذي وغيره "غمص" - بالصاد - وهما بمعنىً واحد، ومعناه احتقارُهم.. يقال في الفعل منه: غمَطه - بفتح الميم - يغمِطه -بكسرها- وغمِطه -بكسر الميم- يغمَطه -بفتحها-. أما "بطَر الحق" فهو دفعه وإنكاره ترفُّعًا وتجبُّرا.



وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجنة من فى قلبه مثقال ذرة من كِبر" فقد اختُلِف في تأويله؛ فذكر الخطَّابي فيه وجهين.. أحدهما: أن المراد التكبر عن الإيمان فصاحبُه لا يدخل الجنة أصلاً إذا مات عليه، والثاني: أنه لا يكون في قلبه كبرٌ حال دخولِه الجنة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ﴾ [الأعراف: 43]، وهذان التأويلان فيهما بُعد؛ فإن هذا الحديث ورد في سياق النهي عن الكبر المعروف، وهو الارتفاع على الناس واحتقارُهم ودفعُ الحقِّ، فلا ينبغي أن يُحمل على هذين التأويلين المخرِجَين له عن المطلوب؛ بل الظاهر ما اختاره القاضي عياض وغيره من المحقِّقين: أنه لا يدخل الجنة دون مجازاةٍ إن جازاه، وقيل هذا جزاؤه لو جازاه، وقد يتكرَّم بأنه لا يجازيه بل لابد أن يدخل كلُّ الموحِّدين الجنّة، إما أوّلاً وإما ثانيًا بعد تعذيب بعض أصحاب الكبائر الذين ماتوا مصرّين عليها، وقيل لا يدخلها مع المتقين أوَّل وهلة.



وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل النار من في قلبه مثقال حبّةٍ من خردل من إيمان"، فالمراد به دخول الكفار وهو دخول الخلود، وقوله - صلى الله عليه وسلم - "مثقال حبّة" هو على ما تقدم وتقرر من زيادة الإيمان ونقصه.



وأما قوله: "قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا"، فهذا الرجل هو مالك بن مرارة الرهاوي قاله القاضي عياض وأشار إليه أبو عمر بن عبد البر - رحمهما الله تعالى - وقيل معاذ بن جبل ذكره ابن أبي الدنيا في "كتاب الخمول والتواضع"، وقيل مالك بن مرارة الرهاوي ذكره أبو عبيد في "غريب الحديث"، وقيل عبد الله بن عمرو بن العاص ذكره معمر في "جامعه"، وقيل خريم بن فاتك هذا ما ذكره ابن بشكوال[5].



وقال المباركفوري:

"إنه يعجبُنِي أن يكون ثوبي حسنًا ونعلي حسنا"؛ أي من غير أن أُراعِي نظرَ الخلق، وما يترتب عليه من الكبر والخيلاء والسُّمعة والرياء، ثم النعل ما وُقِيت به القدم، ولعل سبب ذلك السؤال ما ذكره الطيبي أنه لما رأى الرجلُ العادة في المتكبرين لبس الثياب الفاخرة ونحو ذلك سألَ ما سأل، قال مجيبًا له "إن الله يحبّ الجمال"، وفي رواية "إن الله جميلٌ يحبُّ الجمال"؛ أي حسن الأفعال كامل الأوصاف، وقيل أي مجمِّل، وقيل جليل، وقيل مالك النور والبهجة، وقيل جميل الأفعال بكم والنظر إليكم.. يكلّفكم اليسير ويعين عليه ويثيب عليه الجزيل ويشكر عليه. وقال المناوي: "إن الله جميل" أي له الجمال المطلق جمال الذات وجمال الصفات وجمال الأفعال[6]. "يحب الجمال" أي التجمل منكم في الهيئة أو في قلة إظهار الحاجة لغيره والعفاف عن سواه، انتهى. "ولكن الكبر"؛ أي ذا الكبر بحذف المضاف كقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ ﴾ [البقرة: 177]، "من بطرَ الحق"؛ أي دفعه ورده "وغمصَ الناس"؛ أي احتقرهم ولم يرهم شيئًا، من غمصْته غمصًا، وفي رواية "الكبر بطر الحق وغمط الناس".. قال -في "المجمع"-: الغمط الاستهانة والاستحقار، وهو كالغمص، وأصل البطر شدة الفرح والنشاط، والمراد هنا قيل سوء احتمال الغني، وقيل الطغيان عند النعمة والمعنيان متقاربان، وفي "النهاية": بطر الحق هو أن يجعل ما يجعله الله حقًّا من توحيده وعبادته باطلاً، وقيل هو أن يتجبّر عند الحق فلا يراه حقًّا، وقيل: هو أن يتكبر عن الحق فلا يقبله، وقال التوربشتي: وتفسيره على الباطل أشبه لما ورد في غير هذه الرواية "إنما ذلك من سفه الحق وغمص الناس"[7] أي رأى الحق سفَهًا[8].



وصف الله تعالى بـ"جميل"، ومذاهب العلماء فيه:

قال الإمام النوويّ: وقوله - صلى الله عليه وسلم - "إن الله جميلٌ يحب الجمال" اختلفوا في معناه؛ فقيل: إن معناه أن كلَّ أمره - سبحانه وتعالى - حسن جميل وله الأسماء الحسنى وصفات الجمال والكمال، وقيل: جميلٌ بمعنى مجمل ككريم وسميع بمعنى مكرم ومسمع، وقال الإمام أبو القاسم القشيرى - رحمه الله تعالى -: معناه جليل، وحكى الإمام أبو سليمان الخطّابي أنه بمعنى ذي النور والبهجة أي مالكهما، وقيل: معناه جميل الأفعال بكم باللطف والنظر إليكم يكلّفكم اليسير من العمل ويعين عليه ويثيب عليه الجزيل ويشكر عليه، واعلم أن هذا الاسم ورد في هذا الحديث الصحيح ولكنه من أخبار الآحاد، وورد أيضًا في حديث الأسماء الحسنى وفي إسناده مقال، والمختار جواز إطلاقه على الله تعالى، ومن العلماء من منعَه، وقال الإمام الجويني - رحمه الله تعالى -: ما ورد الشرع بإطلاقه في أسماء الله تعالى وصفاته أطلقناه، وما منع الشرع من إطلاقه منعناه، وما لم يرد فيه إذن ولا منع لم نقضِ فيه بتحليلٍ ولا تحريم؛ فإن الأحكام الشرعية تُتلقّى من موارد الشرع، ولو قضيْنا بتحليل أو تحريم لكنا مثبتين حكمًا بغير الشرع، قال: ثم لا يشترط فى جواز الإطلاق ورود ما يقطع به الشرع؛ ولكن ما يُقتضى للعمل وإن لم يوجب العلم فإنّه كافٍ؛ إلا أنّ الأقيسة الشرعية من مقتضيات العمل ولا يجوز التمسك بهن في تسمية الله تعالى ووصفِه، هذا كلام إمام الحرمين، ومحلّه من الإتقان والتحقق بالعلم مطلقًا وبهذا الفن خصوصًا معروفٌ بالغاية العليا، وأما قولُه لم نقض فيه بتحليل ولا تحريم لأن ذلك لا يكون إلا بالشرع فهذا مبنيٌّ على المذهب المختار في حكم الأشياء قبل ورود الشرع؛ فإن المذهب الصحيح عند المحقِّقين من أصحابِنا أنه لا حكم فيها لا بتحليل ولا تحريم ولا إباحة ولا غير ذلك؛ لأنّ الحكم عند أهل السنة لا يكون إلا بالشرع، وقال بعض أصحابنا: إنها على الإباحة، وقال بعضهم: على التحريم، وقال بعضهم: على الوقف لا يعلم ما يقال فيها، والمختار الأوّل، والله أعلم، وقد اختلف أهل السنة في تسمية الله تعالى ووصفه من أوصاف الكمال والجلال والمدح بما لم يرد به الشرع ولا منعه؛ فأجازه طائفة ومنعه آخرون إلا أن يرِد به شرع مقطوع به من نص كتاب الله أو سنة متواترة[9] أو إجماع على إطلاقه، فإن ورد خبرٌ واحد فقد اختلفوا فيه؛ فأجازه طائفة وقالوا الدعاء به والثناء من باب العمل، وذلك جائز بخبر الواحد، ومنعه آخرون لكونه راجعًا إلى اعتقاد ما يجوز أو يستحيل على الله تعالى، وطريق هذا القطع، قال القاضي: والصواب جوازُه لاشتماله على العمل، ولقوله الله تعالى: ﴿ وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 181]، والله أعلم[10].



ثامنًا: السماحة في البيع والشراء والاقتضاء:

عن أبي هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يحبّ سمحَ البيع سمحَ الشراء سمح القضاء"[11].



قال المباركفوري:

قوله "إن الله يحب سمح البيع" -بفتح السين وسكون الميم- أي سهلاً في البيع وجوَّادًا يتجاوز عن بعض حقّه إذا باع، قال الحافظ: السمح الجواد يقال سمح بكذا إذا جاد، والمراد هنا المساهلة، "سمح الشراء سمح القضاء"؛ أي التقاضي؛ لشرفِ نفسه وحسن خلُقه بما ظهر من قطع علاقة قلبه بالمال، قاله المناوي، وللنسائي من حديث عثمان رفعه "أدخل الله الجنةَ رجلاً كان سهلا مشتريًا وبايعًا وقاضيًا ومقتضيا"[12].



ومعنى "وإذا اقتضى"؛ أي إذا طلب دَينًا له على غريم يطلبه بالرفق واللطلف لا بالخرق والعنف[13].



وفي الصحيح عن جابر - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله رجلا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى"[14].



تاسعًا: الحنيفية السمحة:

فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: "الحنيفية السمحة"[15].



قال الحافظ: الحنيفية السمحة؛ أي السهلة، قوله: مكانًا سمحًا؛ أي سهلا، وكذا أسمح[16]. وقال المناوي: قال الحراليّ: "إنما بعث بالحنيفية السمحة" البيضاء النقيّة، واليسر الذي لا حرج فيه ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ﴾ [الأنفال: 42] اه‍، واستنبط منه الشافعية قاعدة إن المشقة تجلب التيسير[17].



والخلاصة أن هذا الدينَ الإسلاميَّ يُسرٌ.. ليس دينَ التقعُّرِ والتشدُّدِ، ولا هو دين الرهبانيَّةِ والانقطاع، وكذلك ليس دينَ التسيُّب والانفلات؛ بل دين العدل والاعتدال والإحسان في كل شيء، والتوسط بين أمرَيْ الإفراط والتفريط.



عاشرًا: الغيرة في الريبة:

عن جابر بن عتيك وعقبة بن عامر الجهني -رضي الله عنهما- أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "من الغيرة ما يحبُّ اللهُ ومنها ما يبغَضُ اللهُ؛ فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة. وإن من الخيلاء ما يبغض الله ومنها ما يحب الله؛ فأما الخيلاء التي يحب الله فاختيال الرجل نفسه عند القتال، واختياله عند الصدقة، وأما التي يبغض الله فاختياله في البغي قال موسى والفخر"[18].



قال العظيم آبادي:

"فالغيرة في الريبة" نحو أن يغتار الرجل على محارمه إذا رأى منهم فعلا محرَّما؛ فإن الغيرة في ذلك ونحوه مما يحبه الله، وفي الحديث الصحيح "ما أحد أغير من الله؛ من أجل ذلك حرم الزنى"[19]. "فالغيرة في غير ريبة" نحو أن يغتار الرجل على أمِّه أن ينكحها زوجها، وكذلك سائر محارمه؛ فإن هذا مما يبغضه الله تعالى؛ لأن ما أحله الله تعالى فالواجب علينا الرضى به؛ فإن لم نرض به كان ذلك من إيثار حمية الجاهلية على ما شرعه الله لنا[20].



حاديَ عشَر: الخيلاء في القتال والصدقة:

عن جابر بن عتيك وعقبة بن عامر الجهني -رضي الله عنهما- أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "من الغيرة ما يحبُّ اللهُ ومنها ما يبغَضُ اللهُ؛ فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة. وإن من الخيلاء ما يبغض الله ومنها ما يحب الله؛ فأما الخيلاء التي يحب الله فاختيال الرجل نفسه عند القتال، واختياله عند الصدقة، وأما التي يبغض الله فاختياله في البغي قال موسى والفخر"[21].



قال العظيم آبادي:

"فاختيال الرجل نفسه عند القتال" لما في ذلك من الترهيب لأعداء الله والتنشيط لأوليائه، "واختياله عند الصدقة"؛ فإنه ربما كان من أسباب الاستكثار منها والرغوب فيها؛ فاختيال الرجل عند القتال هو الدخول في المعركة بنشاط وقوة وإظهار الجلادة والتبختر فيه والاستهانة والاستخفاف بالعدو لإدخال الروع في قلبه، "والاختيال في الصدقة" أن يعطيها بطيب نفسه وينبسط بها صورة ولا يستكثر ولا يبالي بما أعطى، "فاختياله في البغي" نحو أن يذكر الرجل أنه قتل فلانا وأخذ ماله ظلما، أو يصدر منه الاختيال حال البغي على مال الرجل أو نفسه... "والفخر" -بالجر- أي قال موسى في روايته: في البغي والفخر... واختيال الرجل في الفخر نحو أن يذكر ما له من الحسب والنسب وكثرة المال والجاه والشجاعة والكرم لمجرد الافتخار، ثم يحصل منه الاختيال عند ذلك؛ فإن هذا الاختيال مما يبغضه الله تعالى[22].



ثانِيَ عشر: التقى (أو البر) والغنى والخفاء:

عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفر من المهاجرين والأنصار فخرج علينا، فقال: "ألا أخبركم بخياركم"؟ قالوا: بلى. قال: "خياركم الموفون المطيبون، إن الله يحب الخفي التقي". قال: ومر علي بن أبي طالب فقال: الحق مع ذا، الحق مع ذا[23]، وعن عامرِ بن سعدٍ قال: كان سعدُ بن أبي وقاص في إبلِه فجاءه ابنه عمرُ فلمّا رآه سعدٌ قال: أعوذ بالله من شرّ هذا الراكب، فنـزل فقال له: أنزَلْتَ في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم؟ فضرَب سعدٌ في صدرِه فقال: اسكت، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله يحبُّ العبدَ التقيّ الغنيّ الخفي"[24]، وعن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر خرج إلى المسجد يوما فوجد معاذ بن جبل عند قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبكي فقال: ما يبكيك يا معاذ؟ قال: يبكيني حديثٌ سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اليسير من الرياء شرك، ومن عادى أولياء الله فقد بارز اللهَ بالمحاربة، إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء؛ الذين إن غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة"[25].



أ- التقى مع الغنى والخفاء: قال الإمام النوويّ: المرادُ بالغنى غنى النفس، هذا هو الغنى المحبوب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولكن الغنى غنى النفس"، وأشار القاضي إلى أن المراد الغنى بالمال، وأما الخفيّ -بالخاء المعجمة، هذا هو الموجود في النسخ والمعروف في الروايات، وذكر القاضي أن بعض رواة مسلم رواه بالمهملة- فمعناه -بالمعجمة- الخامل المنقطع إلى العبادة، والاشتغال بأمور نفسِه، ومعناه بالمهملة الوَصُول للرحِم اللطيف بهم وبغيرهم من الضعفاء، والصحيح بالمعجمة. وفي هذا الحديث حجةٌ لمن يقول الاعتزال أفضلُ من الاختلاط، وفي المسألة خلافٌ، ومن قال بالتفضيل للاختلاط قد يتأوّل هذا على الاعتزال وقتَ الفتنة ونحوها[26].



ب- البر مع التقى مع الخفاء: أما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفقدوا وإذا حضروا لم يعرفوا قلوبهم مصابيح الدجى يخرجون من كل غبراء مظلمة"، فقد اختلف العلماء في سندِه تصحيحًا وتحسينًا وتضعيفًا، وقد نرى متنه لا يوافق البلاغة النبويّة، إلا أن معناه موافقٌ لنصوص ثابتةٍ كثيرة.



والتقي: هو من يترك المعاصي امتثالاً للمأمور به واجتنابًا للمنهي عنه.



والغني: غنيُّ النفس، وهو الغنيُّ المحبوب. قال ابن بطال: معنى الحديث ليس حقيقةَ الغِنى كثرة المال؛ لأن كثيرًا ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي؛ فهو يجتهد في الازدياد، ولا يبالي أين يأتيه. وقال القرطبي: معنى الحديث أن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح هو غنى النفس، وبيانه أنه إذا استغنت نفسه كفت عن المطامع؛ فعزت وعظمت وحصل لها من الحظوة والنـزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى يناله من يكون فقير النفس لحرصه؛ فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال همتُه وبخله، ويكثر من يذمه الناس ويصغر قدره عندهم؛ فيكون أحقر من كل حقير، وأذل من كل ذليل.



والخفي: الخامل الذِكْر، المعتزل عن الناس؛ الذي يُخفي عليهم مكانه ليتفرغ للتعبد. قال ابن حجر: وذكر للتعميم إشارة إلى ترك الرياء.



قال الطيبي:

والصفات الثلاث الجارية على العبد واردة على التفضيل والتمييز؛ فالتقي مخرج للعاصي، والغني للفقير، والخفي على الروايتين لما يضادها؛ فإذا قلنا: إن المراد بالغنى غنى القلب اشتمل على الفقير الصابر والغني الشاكر منهم، وفيه على الأول حجة لمن فضَّل الاعتزال وآثر الخمول على الاشتهار[27].



وبالجملة فقد "أخذ علينا العهد العام من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نحبّ الفقر وقلّة ذات اليدِ، وكذلك نحبّ من كان بهذه الصفة أيضًا من الفقراء والمساكين والمستضعفين، ونحب مجالستهم عملاً بقوله تعالى: ﴿ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾ [الكهف: 28]؛ وذلك لأن رحمةَ الله تعالى لا تفارقُهم، فنحبهم ونحب مجالستهم لمحبة الله تعالى لهم. وكذلك نحبّ الفقر لما فيه من كثرة سؤالنا للحق وتوجُّهنا إليه لعلةٍ أخرى. وإيضاحُ ذلك أن حاجة العبد تذكره بالله تعالى وعدم حاجته تنسيه الحق.. قال تعالى: ﴿ كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6-7]، وقال ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ﴾ [الإسراء: 67]. ومن هنا قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمّ اجعل رزق آل محمدٍ قوتًا وكفافا"[28]؛ أي لا يفضل عنهم من غدائهم ولا عشائهم شيء، وذلك ليصيروا متوجهين إلى الله تعالى كل حينٍ لا ينسونه. فانظر ما أشدّ شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أهل بيته! ويقاس بأهل بيته غيرهم، فوالله لو علم الإنسان قدر مقام الفقر لتمناه ليلاً ونهارا"[29].



ثالثَ عشَرَ: الحياءُ والسّتْرُ:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ حيِيٌّ سِتِّيرٌ.. يحبُّ الحَياء والسّتْر؛ فإذا اغتسل أحدُكم فلْيَسْتَتِر"[30].



وحقيقة الحياء أنه خُلُقٌ يَبعث على ترك القَبائح، ويمنَع من التفرِيط في حقِّ صاحبِ الحق، وقد اختَّص اللهُ - عز وجل - به الإنسانَ ليرتدعَ به عمَّا تنـزِع إليه الشهوةُ من القبائح؛ كيْلا يكونَ كالبهيمة التي تهجم على ما تشتهي دون حَيَاء. وبين اقترافِ الذنوب وقِلَّةِ الحياء وعدمِ الغَيْرة تلازمٌ من الطرَفين، وكلٌّ منهما يستدعِي الآخرَ ويطلبُه حثيثًا[31].



والحياء خلُق الإسلام كما دلّت السنة.. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن لام غيره على الحياء-: "دَعْهُ؛ فإنَّ الحياءَ من الإيمان"[32]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "والحياءُ شُعبَةٌ من الإيمانِ"[33]؛ ولم يذكر من أخلاق الإسلام إلا الحياء شعبةً من الإيمان، وكأنَّ الإيمان إنما ينقُص بقلَّة الحياء، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الحياءُ من الإيمان، والإيمان في الجنَّة، والبذَاءُ من الجفَاء، والجفاء في النار"[34]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما كان الفحشُ في شيءٍ إلا شانَه، وما كان الحياءُ في شيءٍ إلا زَانه"[35]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ مما أدرك الناسَ من كلام النُّبَوَّةِ الأولى؛ إذا لم تستحِ فاصنعْ ماشئت"[36].



ثم إن الأمَّة المسلمَة، بل البشريَّةَ بأسرِها، في خطرٍ محدِق في هذا الزمن، أو هي على شَفا جُرف هارٍ.. أوقعها ويريد أن يوقعها فيه شياطينُ الجنِّ والإنْس، بتدميرِ الأخلاق السامية وعلى رأسها الحياء.. مستغلِّين الشهواتِ والفتن التي تبضُّ بها أجسادُ النساء عاريَةً، وتدعو إليها كلَّ فتىً خاوٍ من القيمة الذاتيَّة والغاية السامِيَة؛ فيظهرون منَ المرأة ما كانت تُقطع رقبتها ويُدَقّ عنقُها ولا تظهره، ويطاردون بطغامهن الشبابَ المعوِز في كل بيتٍ وشارع.. في زمان زادت فيه التبعات وقلت الحيل.. حتى أضحى الحياءُ عاريًا، والنارُ مضطرمةً في إزارِه، وليس من ساترٍ يستر عيبًا أو يُخفِي سَوْءة، والله المستعان على عَذَاباتِ التُّقَى.



خلاصة هذا السبب:

1- التخلق بمكارم الأخلاق كلها؛ فإنها رسالة الإسلام وتزكية النفوس.



2- الرفق، وهو أول الأخلاق المحبوبة لله تعالى.



3- الحلم والأناة، مع الحذر من الجبن، ومن التباس المفاهيم في هذا الزمن المملوء عيًّا.



4- التماس الأعذار.



5- العفو والصفح.



6- التحديث بالنعم وإبداؤها؛ فإن ذلك من الشكر.



7- التجمل، بالنظافة والطهارة، وبلا خيلاء أو إسراف.



8- السماحة في البيع والشراء والقضاء، مع عدم ترك الحق لمن يطغيه ذلك.



9- الحنيفية السمحة.



10- الغيرة في الريبة.



12- الخيلاء عند القتال وفي الصدقة.



13- الغنى إذا اجتمع بالتقى مع الخفاء.



14- البر والتقى والخفاء.



15- الحياء والستر.

[1] أخرجه مسلم في الإيمان [ح91] من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

[2] [صحيح] أخرجه الترمذي [ح1999] بهذا اللفظ، وقال الترمذي: "قال بعض أهل العلم في تفسير هذا الحديث لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان إنما معناه لا يخلد في النار، وهكذا روي عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان" وقد فسر غير واحد من التابعين هذه الآية ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ﴾ [آل عمران: 192] فقال: من تخلّد في النار فقد أخزيته، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب". اه‍.

[3] أخرجه مسلم في الإيمان [ح91] من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

[4] أخرجه مسلم في الإيمان [ح91] من حديث عبد الله بن مسعود - رضى الله عنه -، وأبو داود في اللباس [ح4092] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[5] انظر: "شرح النووي على مسلم" [ج2 ص89-92] باختصار شديد.

[6] [قلت]: هذا الذي ذكره المناوي أحسن من الأقوال قبله؛ لأنه أعمُّ من كلٍّ منها. فجماله سبحانه على أعلى مراتب جمال الذات وجمال الصفات وجمال الأفعال وجمال الأسماء؛ فأسماؤه كلها حسنى، وصفاته كلها صفات كمال، وأفعاله كلها حكمة ومصلحة وعدل ورحمة، وأما جمال الذات وكيفية ما هو عليه فأمر لا يدركه سواه ولا يعلمه إلا الله، وليس عند المخلوقين منه إلا تعريفات تعرّف بها إلى من أكرمه من عباده. انظر: "الفوائد" لابن القيم [ص182]، و"أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة" للدكتور محمود عبد الرازق الرضواني [ص362].

[7] في حديث عبد الله بن مسعود - رضى الله عنه - يرفعُه "ولكن الكبر من سَفِه الحق وازدرى الناس" رواه أحمد في "المسند" [1/399 ح3789].

[8] انظر: "تحفة الأحوذي" [ج6 ص116-117].

[9] الصواب في مذهب أهل السنة أن أحاديث الآحاد إن صحت فإنها يعمل بها في العقائد والأحكام على السواء، وأحاديث وصف الله تعالى بالجمال صحيحة، وقد عمل أهل السنة دائمًا بأحاديث الآحاد الثابتة في العقائد ولم يتعقَّبوا تواترها.

[10] انظر: "شرح النووي على مسلم" [ج2 ص90-91].

[11] أخرجه الترمذي [ح1319]، وأبو يعلى [6238]، والحاكم في "المستدرك" [2/64] من طريق: الحسن عن أبي هريرة مرفوعًا به. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في "التلخيص": صحيح. وقال الترمذي: "وفي الباب عن جابر، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وقد روى بعضهم هذا الحديث عن يونس عن سعيد المقبري عن أبي هريرة". وقال الترمذي في "العلل الكبير" [ص196]: "سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: هو حديث خطأ روى هذا الحديث إسماعيل بن علية عن يونس عن سعيد المقبري عن أبي هريرة"، والحديث ذكره الدارقطني في "العلل" [10/354] وتكلم على طرقه.

[12] أخرجه النسائي في البيوع [ح4696]، وابن ماجه [ح2202]، وأحمد [1/58 و67 و69 و70]، وعبد بن حميد [ح47]، والضياء في "المختارة" [1/506 و507] من طريق عطاء بن فروخ عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الحديث. وانظر كلام البخاري عليه في "التاريخ الكبير" [6/467] في ترجمة عطاء بن فروخ، والدارقطني في "العلل" [3/42]. وانظر: "تحفة الأحوذي" [ج4 ص457].

[13] انظر: "تحفة الأحوذي" [ج4 ص457].

[14] أخرجه البخاري في البيوع [ح1970] من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

[15] [حسن بشواهده] أخرجه أحمد في "المسند" [ح2107]، والبخاري في "الأدب المفرد" [ص108 ح287]، وفي "الصحيح" معلَّقًا، والطبراني في "الكبير" [11/227 ح11572]، وعبد بن حميد في "مسنده" [ص199 ح569]. وقال الألباني في حديث "الأدب المفرد": "حسن لغيره"، وقال في "تمام المنة" [ص 45]: "الحديث حسن لغيره؛ لأن له شاهدًا من حديث أبي قلابة الجَرْمي مرسلا بلفظ: "يا عثمان إن الله لم يبعثني بالرهبانية [مرتين أو ثلاثة] وإن أحب الدين عند الله الحنيفية السمحة" أخرجه ابن سعد في "الطبقات" [ج3 ق1 ص287]. ثم وجدت له شاهدا آخر من رواية عبد العزيز بن مروان بن الحكم مرسلا، أخرجه أحمد في "الزهد" [ص289 و310] بسند صحيح" اه‍. وقال شعيب الأرنؤوط في حديث أحمد: "صحيح لغيره". وقال الهيثمي في "المجمع" [1/225 ح203]: "رواه أحمد والطبراني في "الكبير" والأوسط والبزار، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ولم يصرح بالسماع"، وقال العجلوني في "كشف الخفاء" [1/51-52 ح121]: "أحب الدين إلى الله تعالى الحنيفية السمحة قال في الأصل: هكذا ترجم البخاري في صحيحه، وساقه في الأدب المفرد عن ابن عباس بلفظ قيل: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأديان أحب إلى الله؟ قال الحنيفية السمحة، قال النجم: والذي رواه أحمد والطبراني عن ابن عباس بلفظ أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة، ورواه الديلمي عن عائشة في حديث الحبشة ولعبهم ونظر عائشة إليهم، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليعلم اليهود أن في ديننا فسحة وأني بعثت بالحنيفية السمحة، ورواه أحمد في "مسنده" بسند حسن عن عائشة أيضا؛ لكن بلفظ: إني أرسلت بالحنيفية السمحة، وهو في معنى قوله تعالى ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]" اه‍.

[16] انظر: "فتح الباري" [ج1 ص134].

[17] انظر: "فيض القدير" [ج3 ص203].

[18] [حسن] أخرجه أبو داود أول كتاب الجهاد، باب/ في الخيلاء في الحرب [ح2659]، والنسائي في كتاب الزكاة، الاختيال في الصدقة [ح2558]، والدارمي في "سننه" [ح2226] مقتصرا على شطره الأول، وأحمد في "المسند" [ح23798، 23799، 23801، 23803]، وابن حبان في "صحيحه" [ح295، 295]، والطبراني في "الكبير" [2/189 ح1772، وح5726، و2/190 ح1774]، كلهم من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه.

• وأخرجه أحمد أيضًا [ح17436]، وابن خزيمة في "صحيحه" [ح2478]، والحاكم في "المستدرك" [1/578 ح1525]، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، هؤلاء من حديث عقبة بن عامر الجهني - رضى الله عنه -، ولفظ أحمد "غيرتان إحداهما يحبها الله - عز وجل - والأخرى يبغضها الله، ومخيلتان إحداهما يحبها الله عزوجل والأخرى يبغضها الله".

• وأخرج ابن ماجه شطره الأول في كتاب النكاح، باب/ الغيرة [ح1996] من حديث أبي هريرة.

• وقال الهيثمي -في "المجمع" [4/603]، عن حديث عقبة بن عامر-: "رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات"، وقال أيضًا [10/231]: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن يزيد الأزرق وهو ثقة".

• وقال الألباني -في "الإرواء" [1999]-: "حديث جابر بن عتيك مرفوعا... رواه أحمد وأبو داود والنسائي، حسن. أخرجه أحمد [5/445 و446] وأبو داود [2659] والنسائي [1/356] وكذا الدارمي [2/149] وابن حبان [1313] والبيهقي [7/308] وفي "الأسماء" [501] وأحمد [5/445 و446] من طرق عن يحيى بن أبى كثير عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر بن عتيك الأنصاري عن أبيه به. وتمامه: "وأما الخيلاء التي يحب الله أن يتخيل العبد بنفسه لله عند القتال وأن يتخيل بالصدفة. والخيلاء التي يبغض الله الخيلاء في البغي أو قال: في الفخر". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن جابر بن عتيك؛ قال في "تهذيب التهذيب": "إما أن يكون عبد الرحمن أو أخا له". وذكر -في ترجمة أبيه جابر - أنه روى عنه ابناه أبو سفيان وعبد الرحمن. قلت: وعبد الرحمن بن جابر بن عتيك مجهول. وأما أخوه أبو سفيان فلم أجد من ذكره، والظاهر أنه مجهول كأخيه. وقال الخزرجي في ابن جابر هذا من "الخلاصة": "لعله عبد الرحمن". قلت: وسواء كان هو أو أخوه فالحديث ضعيف بسبب الجهالة. والله تعالى أعلم. ثم وجدت للحديث شاهدا من حديث عبد الله بن زيد الأزرق عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره نحوه. أخرجه أحمد [4/154] بإسناد رجاله ثقات غير الأزرق هذا وهو مقبول".

[19] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في التوحيد، باب/ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - [لا شخص أغير من الله] [ح6980]، ومسلم في كتاب اللعان [ح1499]، وفي كتاب التوبة، باب/ غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش [ح2760]، بلفظ "الفواحش"، ولم أجده بلفظ "الزنى".

[20] انظر: "عون المعبود" [ج7 ص229-230].

[21] [حسن] سبق تخريجه قبل قليل.

[22] انظر: "عون المعبود" [ج7 ص230] مختصرا.

[23] [صحيح] أخرجه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" [2/318 ح1052] من حديث أبي سعيد الخدري - رضى الله عنه -. قال الهيثمي في "المجمع": "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات".

[24] أخرجه مسلم [ح2965]، وقد سبق تخريجه في أول الكتاب.

[25] [ضعيف] أخرجه ابن ماجه [2/1320 ح3989]، و[20/153 ح321]، والحاكم [4/364 ح7933] وأبو نعيم في "حلية الأولياء" [1/11]، والمزي في "التهذيب" [22/627 ت4637] من طرق عن عيسى بن عبد الرحمن عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب. قال الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" [ص360]: "خرجه ابن ماجه بسند ضعيف".

• [قلت]: فيه عيسى بن عبد الرحمن أبو عبادة متروك الحديث. وأخرجه الطبراني في "الكبير".

• وأخرجه الحاكم في "المستدرك" [1/44 ح4] عبد الله بن وهب أخبرني الليث بن سعد عن عياش بن عباس القتباني عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب. وقال الحاكم [1/44]: "هذا حديث صحيح ولم يخرج في الصحيحين، وقد احتجا جميعا بزيد بن أسلم عن أبيه عن الصحابة، واتفقا جميعا على الاحتجاج بحديث الليث بن سعد عن عياش بن عباس القتباني، وهذا إسناد مصري صحيح ولا يحفظ له علة". وقال الذهبي في "التلخيص": صحيح ولا علة له.

• [قلت]: خالفهم المذكورون سابقا بأنهم رووه من طريق عيسي بن عبد الرحمن عن زيد بن أسلم، فعلة هذه الرواية أن عياش بن عباس القتباني بينه وبين زيد بن أسلم عيسى بن عبد الرحمن، وهو متروك الحديث.

• وله طريق آخر أخرجه الحاكم في "المستدرك" [3/303 ح5182]، والبيهقي في "الزهد الكبير" [2/112]، والقضاعي في "مسنده" [ح1298] من طريق: أبو عبيد ثنا شاذ بن فياض ثنا أبو قحذم عن أبي قلابة عن ابن عمر قال ثم مر عمر بمعاذ وهو يبكي. قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

• [قلت]: فيه علتان؛ الأولى: أبو قلابة لم يسمع من ابن عمر كما نص عليه المزي في ترجمة أبي قلابة، وكما في "جامع التحصيل" للعلائي. الثانية: أبو قحذم النضر بن معبد متكلم فيه، وفي ترجمته في "الميزان" [4/264] للذهبي ذكر الحديث ثم نقل قول العقيلي؛ "ذكره العقيلي في الضعفاء، وقال لا يتابع عليه".

وله طريق آخر أخرجه الطبراني في "الكبير" [20/36 ح53]، و"الأوسط" [7/145 ح7112]، و"الصغير" [ح893] حدثنا محمد بن نوح ثنا يعقوب بن إسحاق القطان الرازي ثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن أخيه طلحة بن سليمان عن الفياض بن غزوان عن زبيد اليامي عن مجاهد عن ابن عمر قال: مر عمر بن الخطاب بمعاذ بن جبل. قال في "الصغير": "لم يروه عن زبيد إلا الفياض، ولا عنه إلا طلحة، تفرد به إسحاق بن سليمان"، وهذا أحسن طرق الحديث غير أنه فيه التفرد المذكور، والفياض ممن لا يحتمل تفرده. والحديث له شواهد صحيحة تدل على صحة معناه.

[26] انظر: "شرح النووي على مسلم" [ج18 ص180-181].

[27] انظر: "فيض القدير" [ج2 ص366].

[28] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في الرقاق [ح6460]، ومسلم في الزكاة [ح1055] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[29] انظر: "العهود المحمدية" [ص226].

[30] [صحيح] أخرجه أبو داود، في الحمام [ح4012]، والنسائي، في الغسل والتيمم [ح406]، وأحمد [ح17509]، والبيهقي [ح7783]، وفي "السنن الكبرى" [ح984] الجميع من حديث يعلى بن أمية - رضى الله عنه -، وصححه الألباني في "إراء الغليل" [7/367] وفي "صحيح النسائي" [1/87].

[31] انظر: "فقه الحياء" لفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن إسماعيل المقدّم [ص9] ط. دار ابن الجوزي - القاهرة 1428.

[32] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري، في الإيمان [ح24]، ومسلم [ح36] من حديث يعلى بن أمية رضي الله عنه.

[33] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في الإيمان، باب/ أمور الإيمان [ح9]، ومسلم في الإيمان، باب/ بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها [ح35] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[34] [صحيح] أخرجه أحمد [2/501]، والترمذي [ح2010]، وقال: "حسن صحيح"، وابن حبان [ح1929]، وصححه، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" [ح3381] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[35] [صحيح] أخرجه الترمذي في البر والصلة [ح1974]، وقال: "حديث حسن غريب"، وابن ماجه في الزهد [ح4185]، وصححه الألباني من حديث أنس رضي الله عنه.

[36] أخرجه البخاري، في الأدب، باب/ إذا لم تستح فاصنع ما شئت [ح6120] من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/53328/#ixzz2TuvKc8km

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أسباب محبة الله تعالى للعبد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
تفسير الرؤى والأحلام :: النـــــقــــــاشـــــــــات الحــــــــرة-
انتقل الى: