تفسير الرؤى والأحلام
جدد إيمانك وقل ::
لا إله إلا الله
خالصًا من قلبك
وصلي على خاتم النبيين وإمام المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين
اللهم صلي على نبيك ورسولك محمد وسلم تسليمًا كثيرًا
تفسير الرؤى والأحلام
جدد إيمانك وقل ::
لا إله إلا الله
خالصًا من قلبك
وصلي على خاتم النبيين وإمام المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين
اللهم صلي على نبيك ورسولك محمد وسلم تسليمًا كثيرًا
تفسير الرؤى والأحلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير الرؤى والأحلام

فسر رؤياك طبقًا للمنهج الإسلامي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره (صالح الفوزان)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
????
زائر




تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره  (صالح الفوزان) Empty
مُساهمةموضوع: تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره (صالح الفوزان)   تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره  (صالح الفوزان) Emptyالإثنين مايو 20, 2013 1:07 pm





تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره


الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.



أيها الناس: اتقوا الله تعالى، وعلقوا آمالكم به، وتوكلوا عليه، وارجوا ثوابه، وخافوا من عقابه: (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [العنكبوت: 17].


من الناس من يتشاءم بالأشخاص والأزمان ويظن أنه يصيبه منها شر لذاتها لا بقضاء الله وقدره. وهذا هو الطيرة التي نهى عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبر أنها شرك؛ لأن المتطير والمتشاءم يعتقد أن ما يصيبه من المكاره إنما هو من شؤم المخلوق من زمان أو مكان أو شخص؛ فيكره ذلك الشخص أو الزمان أو المكان وينفر منه ظنا منه أنه يجلب له الشر، وينسى أو يتجاهل أن ما أصابه إنما هو بقضاء الله وقدره، وبسبب ذنبه، كما ذكر الله عن الأمم الكافرة أنهم تطيروا بمن هو مصدر الخير من الأنبياء والمؤمنين،

قال الله تعالى عن قوم فرعون: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَه) [الأعراف: 131]، وكذلك ثمود تطيروا بنبيهم صالح -عليه السلام-: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) [النمل: 47]، وكذلك مشركوا العرب، تطيروا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله عنهم: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) [النساء: 78].


فرد الله على هؤلاء بأن ما يصيبهم من العقوبات والمكاره إنما هو بقضاء الله وقدره وبسبب ذنوبهم: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا *مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [النساء: 78،79]، وهذا من انتكاس فطرهم، حيث اعتقدوا الشر بمن هو مصدر الخير والصلاح.

عباد الله، ومن التشاؤم والتطير ما كان يعتقده أهل الجاهلية في شهر صفر أنه شهر مشئوم؛ فيمتنعون فيه عن مزاولة الأعمال المباحة التي كانوا يزاولونها في غيره؛ فأبطل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "لا عدوى ولا هامة ولا صفر" [رواه البخاري ومسلم]. وهو نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض تعدي بطبعها من غير اعتقاد تقدير الله لذلك، والله تعالى يقول: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا) [الحديد: 22].

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ولا هامة"، الهامة البومة، ومعناه نفي ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه فيها أنها إذا وقعت على بيت أحدهم يتشاءم ويقول: نعت إلي نفسي أو أحدا من أهل داري؛ فيعتقد أنه سيموت هو أو بعض أهله تشاؤما بهذا الطائر. فنفي النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك وأبطله، ومعنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ولا صفر" على الصحيح أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بشهر صفر ويقولون: أنه شهر مشؤوم؛ فأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، وبين أنه لا تأثير له وإنما هو كسائر الأوقات التي جعلها الله فرصة للأعمال النافعة، وهذا الاعتقاد الجاهلي لا يزال في بعض الناس إلى اليوم؛ فمنهم من يتشاءم بصفر، ومنهم من يتشاءم ببعض الأيام كيوم الأربعاء أو يوم السبت أو غيره من الأيام، فلا يتزوجون في هذه الأيام. يعتقدون أو يظنون أن الزواج فيها لا يوفق، كما كان أهل الجاهلية يتشاءمون بشهر شوال فلا يتزوجون فيه، وقد أبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الاعتقاد؛ فتزوج عائشة -رضي الله عنها- في شوال، وتزوج أم سلمة -رضي الله عنها- في شوال.



أيها المسلمون، إن الخير والشر والنعم والمصائب كلها بقضاء الله وقدره: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّه) [النساء: 78]؛ فهو الذي يخلق ما يشاء ويختار، وما يصيب العباد من الشرور والعقوبات فإن الله قدره عليهم بسبب ذنوبهم ومعاصيهم: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى: 30]،

ليس للمخلوق يد في تقديره وإيجاده، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" [رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح].


وهذا لا ينافي أن يجعل الله بعض مخلوقاته سببا للخير أو الشر، ولكن ليست الأسباب هي التي تحدث هذه الأمور، وإنما ذلك راجع إلى مسبب الأسباب وهو الله سبحانه، ومطلوب من العبد أن يتعاطى أسباب الخير، ويتجنب أسباب الشر قال تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195]. قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-، وأما تخصيص الشؤم بزمان دون زمان كشهر صفر أو غيره؛ فغير صحيح، وإنما الزمان كله خلق الله تعالى وفيه تقع أفعال بني آدم؛ فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله؛ فهو زمان مبارك عليه، وكل زمان شغله العبد بمعصية الله؛ فهو شؤم عليه؛ فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله تعالى؛ فالمعاصي والذنوب تسخط الله عز وجل، وإذا سخط الله على عبده سعد في الدنيا والآخرة، كما أن الطاعات ترضي الله سبحانه، وإذا رضي الله عبده سعد في الدنيا والآخرة. والعاصي شؤم على نفسه وعلى غيره؛ فإنه لا يأمن أن ينزل عليه عذاب؛ فيعم الناس، خصوصا من لم ينكر عليه عمله؛ فالبعد عنه متعين، وكذلك أماكن المعاصي يتعين البعد عنها والهرب منها خشية نزول العذاب، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه لما مر على ديار ثمود بالحجر لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم؛ فهجر أماكن المعاصي وهجران العصاة من جملة الهجرة المأمورة بها؛ فإن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه،

قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: (من أراد التوبة فليخرج من المظالم وليدع مخالطة من كان يخالطه "يعني من العصاء"، وإلا لم ينل ما يريد)؛ فاحذروا الذنوب! فإنها مشئومة وعقوبتها أليمة والأماكن والبقاع في الأصل طاهرة نقية ولكن ذنوب العباد تدنسها وتفسدها بشؤمها، والأزمنة أوقات لعمل الخير ولكن العبد بفعل يدنسها الشر، كما قيل:

نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا

فاتقوا الله عباد الله، واعمروا بيوتكم وأوقاتكم بطاعة الله، وعلقوا قلوبكم بالله خوفا ورجاء ومحبة، ولوموا أنفسكم واعلموا أن ما أصابكم مما تكرهون إنما هو بسبب ذنوبكم لا بشؤم الزمان، والمكان، وإنما هو بسوء عمل الإنسان، ومن تشاءم بشهر من الشهور أو يوم من الأيام أو ساعة من الساعات أو سب شيئا من ذلك؛ فإنه يسب الله تعالى ويؤذيه، كما في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: قال الله تعالى: "يؤذيني ابن آدم بسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار"، وفي رواية: "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر"، قال الإمام البغوي -رحمه الله- في شرح السنة: ومعناه أن العرب كان من شأنها ذم الدهر أي سبه عند النوازل؛ لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره؛ فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر، فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها، فكان مرجع سبها إلى الله عز وجل إذ هو الفاعل في الحقيقة، وما يجري في الدهر من خير أو شر فهو بإرادة الله، الخير تفضل من الله، والشر بسبب ذنوب العباد ومعاصيهم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا *مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا *مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) [النساء: 78-79-80].

بارك الله لنا في القرآن العظيم...

(من كتاب الخطب المنبرية، للشيخ الدكتور صالح الفوزان/ ج1)



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره  (صالح الفوزان) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره (صالح الفوزان)   تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره  (صالح الفوزان) Emptyالثلاثاء مايو 21, 2013 10:27 am






الحمد لله رب العالمين على فضله وإحسانه، جعل الطاعات وفعل الخيرات سبباً لحلول البركات، واندفاع النقمات، وجعل السيئات سبباً للشرور والعقوبات،وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، في ربوبيته وإلهيته وما له من الأسماء والصفات، وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله، المؤيد بالمعجزات الباهرات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ذو المناقب والكرامات، أما بعد:

أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، وانظروا في أعمالكم، وحاسبوا أنفسكم، وعلموا أن ما أصابكم فهو بذنوبكم قال الله سبحانه وتعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ظهر الفساد في البر والبحر، الفساد في البر بما يصيبوا الأرض من منع البركات، وغور المياه، وانحباس الأمطار، ويبس الأشجار وغير ذلك، وإصابة الثمار وكساد الأموال والتجارات وغير ذلك من أنواع العقوبات التي كلها نشاهدها، ولكن لا نعتبر ولا نبحث عن أسباب هذه العقوبات بل منا وفينا وبين أظهرنا من يكتب ويقول ليست هذه المصائب وهذه الآفات بسبب الذنوب، إنما هذه كوارث طبيعية تجري بدون سبب من الناس وهذا تكذيب لقوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ)،تكذيب لقوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)، هذه قسوة للقلوب، والعياذ بالله(فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) هذه غفلة عن سنن الله الكونية وإعراض عن تدبر القرآن والاعتبار الذي أمر الله جلَّ وعلا به فيما يجري من الحوادث، ومع هذا يسرحون ويمرحون ولا ينكر عليهم ولا يمنعون من أقوالهم الباطلة ونشرها وكتابتها، قبلهم من قال (قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) أي: أن هذا يجري على أبناءنا من قبلنا فليس فيه عبرة ولا عظة وإنما هو عادة، ومنهم كما قال الله سبحانه وتعالى من إذا أصابتهم المصائب قالوا هذه بسبب الرسل وأتباعهم: (تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ) والسيئة هنا ما يصيبهم في الأرض من القحط والجدب وغلاء الأسعار وغير ذلك، يقولون هذا بسبب موسى عليه والسلام ومن معه من المؤمنين وهكذا يقلون اليوم سوء بسوء هؤلاء المطاوعة والمتشددون هؤلاء منعونا من التقدم ومن الرقي ومن الحضارة ومن ومن ومن التنمية وغير ذلك، من أقولهم الباطلة ولا منكر على هؤلاء فنخشى أن يصيبنا ما أصاب من قبلنا، لأن هذا إذا ظهر في الأمة ولم ينكر عمهم الله بعقوبة عاجلة وعمة الجميع الصالح والطالح (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) تصيبنا هذه المصائب ونكثر من المهرجانات والملهيات وغير ذلك، مما يغفل الناس ويقصي القلوب ويعرض بالناس عن الالتفات إلى معالجة هذه الأمور بل يزيدون منها ويُزيدون، فلا حول ولا قوة إلا بالله، لم يبقى إلا العقوبة المستأصلة لكن الله سبحانه وتعالى رءوف بالعباد يؤجلهم لعلهم يتوبون(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ) ففساد البر كما تعلمون وكما ترون الآن من انحباس الأمطار وغور الآبار، شح المياه الجدب في الأرض لا تجدوا البهائم ما ترعى لا تجد البهائم في الأرض ما ترعه تقتاد به أنتم السبب في هذا ذنوبكم أصابت البهائم عقوبتها، (وَالْبَحْرِ) كما ترون ما يصوبه من الهيجان وما يسمونه بالتسونامي وما أشبه ذلك لا يسمونه باسمه الصحيح ويقولون هذا عقوبة من الله سبحانه وتعالى وإنما هو شيء عادي وطبيعي وكوارث طبيعية أنا لا استغرب من هؤلاء لأن الغالب أنهم إما جهال وإما أنهم ليس عندهم إيمان ولكن استغرب سكوت عن هؤلاء فلا يمنعون ولا ينكر عليهم وما كأنهم فعلوا شيئا (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) قال الله جل وعلا: (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) هذا هو السبب بسبب ما كسبت أيدي الناس من الكفر والشرك والمعاصي والسيئات والمخالفات، ليذيقهم الله جلَّ وعلا بعض الذي عملوا ليذيقهم شيئا من عقوبات أفعالهم لعلهم يرجعون، لعلهم يتوبون، لعلهم يتذكرون، لعل أولاة أمورهم يأخذون على أيدي سفهاءهم، لعل أفرادهم يتوبون إلى الله، لعل الآباء والأمهات يصلحون بيوتهم ويأخذون على أيدي من فيها من النساء والذرية، لعلهم يرجعون عما هم عليه (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) ولو أذاقهم كل ما عملوا كما قال الله جل وعلا: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ)، كما قال سبحانه: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ مقال يتركهم بل قال يؤخرهم إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إما عاجلاً أو آجلاً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً).

فتقوا الله، عباد الله، ثم إنه سبحانه وتعالى أمرنا أن نسير في الأرض للنظر ماذا حدث لأمم السابقة؟ لما كفرت بالله وخالفت أوامر الله، ماذا حل بها؟ وأثراهم تدل على ما حل بهم من الدمار والعقوبات (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) سيروا في الأرض فانظروا ما هو سيروا في الأرض للنزهة أو للإعجاب بالآثار أو للبحث عن الآثار، وإنما سيروا للاعتبار والاتعاظ أن يصيبكم مثل ما أصابهم (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) هكذا يأمرنا الله سبحانه وتعالى أن نسير في الأرض للنظر آثار الدمار الذي حل بالأمم السابقة من قوم (وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ)آثارهم باقية، الآثار هذه ما أوجدت نفسها وإنما أوجدها أمم سبقت كفرت بأنعم الله فصب الله عليهم العقوبة وأسلفهم عن أخرهم (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا)،(فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) لكن أين الاعتبار؟ أين الاتعاظ؟ الآن أنحبس عنكم المطر، وفنية المراعي، وتحطمت الأشجار، الآن ظهر الغبار الذي ترونه يدخل عليكم في بيوتكم ويصيبكم منه ما يصيبكم من الآثار المرضية لكن أين الاعتبار؟ حتى الزلازل حل بطرفكم فها هو الآن في بلاد العيص وحصل بسببه الجفاء، وحصل بسببه كثير من الرعب والخوف جلوا عن طريقهم بسبب الخوف والرعب ولا يزال الخوف يهددهم، وهم بعيدون عنه ولا يستطيعون الرجوع إلى ديارهم وإن رجعوا فهم على وجل وخوف وترقب، أليس هذا من الآيات والعبر، الحرب اشتعلت في طرف بلادكم وأكلت رجالاً من أبناءكم وأين الاعتبار والاتعاظ والتوبة إلى الله عز وجل، إنما نفخر بقوتنا، ونفخر بجنودنا، ونفخر ونفخر لا نقول هذا بسبب ذنوبنا وبسبب مخالفاتنا، فنغير ما حدث منا إلى الأصلح (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)،(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) فلا يحصل رفع هذا الذي أصابنا إلا بتوبة من الله سبحانه وتعالى، نحن نرى الذين يحضرون في المهرجانات، وفي النوادي الرياضية بالآلاف المؤلفة ويتزاحمون، وأحيانا يحصل إصابات بسبب الدهس والزحمة، ولكن المساجد لا يأتيها إلا القليل وعلى كسل أيضا على كسل الآتين إلى المساجد وسرعة خروج على أثري ما تنقضي الصلاة يهربون بسرعة ولا يأتون الصلاة وهم متأخرين، أما النوادي وأما المهرجانات وأما وأما فالآلاف ومئات الآلاف يزدحمون عليها، ويصبرون على الجلوس والانتظار الساعات الطوال، وقد لا يصلون الصلاة في وقتها، فلا حول ولا قوة إلا بالله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ* أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ* أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ* أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقولٌ قولِ هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.





الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:

أيها الناس، اتقوا الله تعالى، تأملوا في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) ما بكم من العقوبات لا يزال إلا بالتوبة إلا بالإصلاح إصلاح فساد الأرض بالطاعات (وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا) إصلاحها بالطاعات، فيجب على ولاة الأمور سواً الوالي العام أو ولاة البيوت والأسر أو الولاة في الدوائر أو غير ذلك، كل من تولى أمراً من أمور المسلمين يجب عليه أن يقوم بالواجب نحو هذا الخطر العظيم فيدرأ عن المسلمين هذه المصائب بالإصلاح بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح ما فسد، ويجب على الأفراد كل فرد أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى فإن ذنب الفرد تعم عقوبته للجميع إذا لم ينكر كما قال تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).

فتقوا الله، عباد الله، وتأملوا في هذا الأمر الذي أنتم فيه الآن لا مخرج منه إلا بتوبة صادقة ورجعٍ إلى الله سبحانه وتعالى، وإصلاح لما فسد من أعمالنا وإلا فما عند الله أشد وأبقى.

اعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديِّ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكلٌ بدعة ضلالة.

وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبينا محمَّد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.

اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مستقرا وسائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين، اللَّهُمَّ ولي علينا خيارنا، وكفينا شر شرارنا، واجعل وليتنا فيمن خافك واتقاك وتبع رضاك يا رب العالمين، اللَّهُمَّ أصلح ولي أمرنا، اللَّهُمَّ أصلح بطانته وجلساءه ومستشاريه، اللَّهُمَّ وفقه للخير والصواب إنك سميع الدعاء، اللَّهُمَّ وفقه لما فيه صلاحه وصلاح الإسلام والمسلمين يا أرحم الراحمين، اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)،(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه وإحسانه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.


الشيخ العلامة بقية السلف صالح الفوزان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره (صالح الفوزان)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
تفسير الرؤى والأحلام :: النـــــقــــــاشـــــــــات الحــــــــرة-
انتقل الى: